مع احتدام المعارك في القلب التاريخي لمدينة حلب واندلاع «حرب شوارع شاملة» بين قوات الجيش والمعارضين، وأنباء عن مجزرة في حي الشيخ مسكين في درعا، أطل وزير الخارجية السوري وليد المعلم من طهران، متوعدا بهزيمة الحرب «الكونية» على بلاده، معلنا «الانتصار في دمشق»، ومحذرا المعارضين في حلب من هزيمة مماثلة. وبعد دعوة «المجلس الوطني السوري» و»الجيش السوري الحر» أمس الى عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن دعمه لإجتماع أممي عاجل للبحث في التطورات، واصفا الوضع في سورية بأنه يرقى إلى «جرائم حرب سيتعرض مرتكبوها لمساءلة دولية». وأكد العربي، في تصريحات نقلتها «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية، دعم الجامعة لدعوة المعارضة السورية الى عقد عاجلة لمجلس الأمن، لكنه اضاف:»المهم ما سوف نخرج به من الذهاب لمجلس الأمن»، في تلميح إلى الفيتو المنتظر من روسيا والصين. وقال إن هناك جهودا لاستصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بثقل قانوني وأخلاقي وسياسي لمعالجة الوضع في سورية «لكن الأمور ما زالت غير واضحة». وأوضح العربي أنه لا يشترط أن يكون قرار الجمعية العامة في إطار «الإتحاد من أجل السلام» لأن كل قرارات الجمعية العامة القوة نفسها، أما الهدف من «الاتحاد من أجل السلام فهو سرعة عقد الجمعية»، مشيرا إلى أن آخر موعد لقبول التعديلات على المشروع العربي ستكون اليوم، وبعد ذلك تبدأ مناقشة المشروع العربي. وعن زيارة الوفد الوزاري العربي لموسكو وبكين لإقناعهما بتغيير مواقفهم من الأزمة السورية تنفيذا لقرار مجلس الجامعة العربية الأخير في 22 تموز (يوليو) الجاري، قال العربي إنه أجرى إتصالا أمس مع الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري رئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بسورية لتحديد موعد الزيارة. ووسط استمرار الخلافات بين دول مجلس الأمن حول التعامل مع الأزمة، صعد وزير الخارجية السوري من لهجة بلاده أمس، وقال متوعدا من طهران التي زارها امس إن السلطات السورية ستهزم المعارضين في حلب، كما فعلت مع المعارضين في دمشق. وشدد على ان «سورية الآن أقوى وستنتصر على المؤامرة ضدها». واعتبر المعلم، في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني على أكبر صالحي، ان المسلحين «خططوا لمعركة سموها دمشق الكبرى وحشدوا لها مجموعات من الارهابية المسلحة وفي اقل من اسبوع اندحروا وفشلت هذه المعركة فانتقلوا الى حلب وأؤكد لكم ايضاً ستفشل مخططاتهم». وأكد ان بلاده قادرة على الدفاع «عن كل شبر من اراضيها»، مضيفاً «نحن نواجه كوناً بأكمله يتآمر على سورية». واتهم المعلم «قطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والدول الغريبة عن المنطقة بمنع انتهاء المواجهات» من خلال دعم المتمردين وتزويدهم السلاح. والتقى الوزير السوري ايضا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي اعرب عن الامل بان تعيد الحكومة السورية «الامن والاستقرار الى البلاد في اسرع وقت ممكن». واتهم احمدي نجاد دول الحلف الاطلسي وعلى رأسها الولاياتالمتحدة بالسعي الى «ضمان هيمنة اسرائيل في المنطقة» عبر دعم «المتمردين» السوريين. ميدانيا، قال ناشطون وشهود إن معارك جديدة نشبت أمس في القلب التاريخي لمدينة حلب بين قوات الجيش وقوات المعارضة، مشيرين إلى استخدام المدفعية وطائرات هليكوبتر حربية في القتال. وتحدث نشطاء عن وقوع اشتباكات في عدد من المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وقال ناشط إنه رأى دبابات وحاملات جند مدرعة تابعة للجيش تتجه إلى صلاح الدين. وبدت المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة مهجورة من السكان. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ان «الهجوم الشامل على مدينة حلب يتواصل»، لافتاً إلى أن الاشتباكات تأخذ طابع «حرب شوارع شاملة». وأوضح أن «ليس كل التعزيزات العسكرية التي استقدمها النظام إلى حلب تشارك في المعركة»، مشيراً إلى أن «جزءاً كبيراً مهمته فرض حصار على المدينة بهدف عزل الأحياء التي يسيطر عليها الثوار عن مناطق ريف حلب» حيث معاقل المقاتلين المعارضين. ويتخوف السكان خصوصاً على المدينة القديمة في حلب وقاطنيها، إذ تضم حارات أثرية وأزقة ضيقة جداً تشمل أسواقاً مسقوفة وخانات. وهي منطقة، بالإضافة إلى أهميتها التاريخية، تتميز بكثافة سكانية كبيرة، ما يجعل اقتحامها قبل قصفها أمراً صعباً. كما دارت اشتباكات عنيفة في بلدة الشيخ مسكين في درعا. وأفاد المركز الإعلامي السوري بأن قوات الجيش ارتكبت «مجزرة» في الشيخ مسكين راح ضحيتها على الأقل 30 قتيلا، إلا لم يمكن التأكد من دقة الرقم. وافاد ناشطون أن مدرعات الجيش النظامي تدكّ منطقة الشيخ مسكين بشكل عشوائي. واستمرت الاشتباكات في مناطق أخرى، بينها دمشق وريفها بخاصة حي المعضمية، وحمص وحماة ودرعا. في موازة ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان أن»نحو 45 في المئة من الاشخاص الذين قتلوا في سورية قضوا منذ الثاني عشر من نيسان (ابريل) تاريخ الاعلان عن وقف لاطلاق النار» على أساس خطة المبعوث الدولي والعربي كوفي انان.