الأحداث الجارية في سورية، وتلك المقاومة الباسلة التي يخوضها الشعب السوري منذ سنة ونصف السنة، من أجل نيل الحرية، التي حرم منها لعقود من العيش، وعانى خلالها حكماً كان يحكم بالحديد والنار، عرّت الكثير من المواقف والتنظيمات، والجهات والأشخاص والدول، فقد عرّت الوجه الذي يختفي خلفه «قادة حزب الله» وبينت أنهم طائفيون، وأن شعارات المقاومة التي كانوا يتدثرون بها، ما هي إلا للمتاجرة بمواقف سياسية ليس أكثر، وأنهم يعيشون حال تناقض تكشف زيف وضع حزبهم وأيديولوجياته، فهو يقف ضد ثورة السوريين، بينما يشجع البحرينيين على قيام ثورتهم. ولهذا فنحن لا ننتظر من «حزب الله» أن ينتقد قتل الأبرياء بسورية على يد بشار الأسد وشبيحته فلن يكون! ولا يمكن لنا تخيل أن يقوم الحزب بمساندة ثورة الثوار السوريين، فذلك من ثامن المستحيلات، لأنه ببساطة يشكل الضلع الثالث في المثلث «الصفوي» في بناء الحلم الذي يراود إيران في السيطرة على المنطقة وبسط نفوذها على نفط الخليج، ولهذا كان من الوقاحة أن يخرج «حسن نصر الله» ليرفع صوته في خطابه الأخير بالعزاء لسورية في مقتل جنرالات الموت في مبنى الأمن القومي الذين قادوا أشرس هجمة عرفها التاريخ على شعبهم بكل أصناف القتل والتعذيب والتدمير، القتل الذي لم يسلم منه الطفل والمرأة، والرجل والشيخ العجوز. لم يكن منصفاً ولن يكون في أن يقدم حسن نصر الله، ذات اللغة العزائية البكائية لأهل الشهداء الذين بلغوا 20 ألف سوري، وعشرات الآلاف من المصابين والمهّجرين الذين فقدوا مستقبلهم، وضاعت تطلعاتهم، وفقدوا كل شيء، بينما تعالى صوته بالنحيب والعويل، وشيء أشبه بالتهديد للثوار، والتقديس لنظام. حرّك قواته من الجولان التي لم تطلق من جانبها على إسرائيل طلقة رصاص واحدة، وسيرّها نحو المدن السورية ودمشق لتطلق عليها آلاف الطلقات ومئات الصواريخ، وكم كان مؤلماً وصواريخ بشار تطلق من جبل قاسيون على أنحاء متفرقة من أحياء دمشق، ما ذكرني ببيت للشاعر السوري خليل خوري حين قال: «من قاسيون أطل يا وطني... فأرى دمشق تعانق السحبا». لو رآها وهي تحترق، ويعلو من مباني الدمشقيين الدخان ورائحة الموت، فماذا عساه أن يقول «من قاسيون نضربك يا وطني بالصواريخ»؟! محمد بن إبراهيم فايع [email protected]