غنيٌ وفقير، عربي وأعجمي، نساءٌ ورجال لا فرق بينهم إلا بالتقوى، على رغم من اختلاف ألسنتهم ولهجاتهم وأشكالهم وألوانهم حتى أجناسهم، وربما كانت أيضاً توجهاتهم وأفكارهم، إلا أن الفول «المصري»، والتميس «الأفغاني» استطاعا أن يوحدا صفهما، وينظمون وقوفهما بشكل «حضاري». لم يكتف «الفول» المصري وشريكه الحصري الدائم على الموائد التميس الأفغاني في توحيد الصف وتنظيمه، بل أصبحا جزأين أساسيين من الإفطار اليومي على حد سواء في رمضان أو في الأيام العادية، فاستحقا بجدارة الحصول على الاعتراف الحجازي والانضمام إلى عائلة مأكولاته الشهيرة، حتى أصبحت أكثر محال بيع الفول تزين واجهتها بأسماء مدن حجازية. الفول المصري جاء في المرتبة الثالثة بحسب دراسة سويسرية عن أكثر المأكولات جلباً للسعادة، ووافقتها دراسة مصرية أيضاً في المجال نفسه، قالت إن: «الفول يجلب السرور والانشراح لآكله»، عكس ما كان يعتقد عن الفول في أنه جالبٌ ل«التناحة»، وعلى العكس من ذلك جاء رفيقه «الأعجمي» الذي دخل المرة الأولى مع قوافل الحجيج ليستوطن هنا، ويصبح هو والفول العلامة المميزة «للبساطة» وعدم التكلف والغذاء الدسم للفقراء، حتى أصبحوا يتفننون في الإضافات والأنواع المستخدمة في إعداده، فهناك الفول بالسمن وآخر بالزيت والفول «المدخن» والفول بالحمص، إضافة إلى الأشكال المتعددة من التميس الذي يشترك مع الفول في إضافة السمن عليه والبسكويت والجبن والكراث». ومع دخول شهر رمضان يزداد الإقبال على شراء الفول، كونه يعتبر طبقاً أساسياً في رمضان لدى الكثير، الذين يصطفون أمام محال بيعه من منتصف العصر وحتى قبل المغرب بدقائق، يقول مشاري العتيبي: «أحرص كل يوم على الذهاب باكراً لشراء الفول قبل الأذان، لأني منذ الصغر تعودت على أن يكون الفول أحد أهم الأطباق في إفطار رمضان». ويتفق معه في نفس الرأي فؤاد أحمد، وأضاف: «اعتدت على أن يكون الفول والتميس حاضرين على سفرة الإفطار طوال العام، إلا أن طريقة إعدادهما تختلف من مكان إلى آخر، والسبب في ذلك يرجع إلى نوع الفول المستخدم وطريقة إعداده». منال القرشي هي الأخرى تتفق مع من سبقوها في كون الفول طعاماً أساسياً في رمضان، وتقول: «أحرص على أن يكون الفول والتميس على رأس قائمة الطلبات اليومية، لتزيين سفرة الإفطار في رمضان».