يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي معركته الطويلة ضد «سكان المُغُر»، في قرى جنوب جبال الخليل بداعي أنهم «غزاة للأرض التي يقيمون فيها»، رغم أنهم هناك منذ أكثر من 80 عاماً وقبل إقامة إسرائيل. وفي إطار هذه المعركة، أصدر وزير الدفاع إيهود باراك قراراً بهدم ثمان من القرى الفلسطينية ال 12 في جبل الخليل بداعي «حيوية أراضي هذه القرى للتدريبات العسكرية»، ما دفع بجمعية حقوق المواطن في إسرائيل وسكان القرى الثماني الى تقديم التماسات للمحكمة العليا ضد أوامر الهدم. وأوضحت النيابة العامة في ردٍ مكتوب على طلب المحكمة العليا تقديم أسباب إصدار أوامر الهدم، أن الفلسطينيين أقاموا مباني دائمة في مناطق إطلاق نار تابعة للجيش جنوب الضفة، خلافاً لأوامر تمنع المدنيين من دخول المنطقة عند إجراء تدريبات عسكرية». وأضافت أن «المدعى عليه مستعد للسماح لمقدمي الإلتماس بدخول منطقة إطلاق النار لأغراض رعاية الأراضي الزراعية ورعي الماشية عندما لا تجري تدريبات مثل عطل نهاية الأسبوع والأعياد اليهودية»، كما «سيعرض على المزارعين دخول أراضيهم مدة شهرين آخرين كل عام بعد الاتفاق بين الجانبين». وزادت أنه سيتم نقل سكان هذه القرى (نحو 1500 فلسطيني) إلى بلدة يطة المجاورة بداعي أن لغالبيتهم مباني سكنية ثابتة فيها. والقرى المعنية هي مجاز وتبان وصافة وفخيت وحلاوة والمركز وجنبا والخربة. وكان جيش الاحتلال أعلن في سبعينات القرن الماضي عن مساحة 30 ألف دونم منطقة عسكرية مغلقة. وبحسب القانون الإسرائيلي، فإنه يحق فقط للمواطنين الدائمين في منطقة كهذه مواصلة السكن فيها، لكنه اعتبر «سكان المغر» الذين أقاموا لأنفسهم مباني سكنية «غزاة»، ورفض ترخيص المباني وشمْلها في الخريطة الهيكلية التي أعدها لإقامة المستوطنات، فحرمها حتى يومنا هذا، من الارتباط بشبكة الكهرباء والصرف الصحي. رغم ذلك، أجْلت قوات الاحتلال العام 1999 نحو 700 مواطن من اراضيهم بالقوة وصادرت ممتلكاتهم وهدمت بيوتاً وآبار مياه، فبقي هؤلاء بلا مأوى ولا عمل يعتاشون منه، إلى أن تدخلت المحكمة وأصدرت أمراً بوقف إجراءات الترحيل. لكن هذا التدخل لم يتح للمرحَّلين العودة، إذ ادعى الجيش أن المنطقة خالية من سكان دائمين، وان للمرحَلين بيوتاً ثابتة في قرية يطة، وأن سكان المنطقة انتهكوا قوانين البناء وأقاموا مباني غير قانونية. وقبل ثلاثة أشهر، باشرت المحكمة النظر في الالتماسيْن. وادعت ممثلة النيابة في ردها أن بقاء سكان القرى فيها والمباني العامة «غير القانونية»، قلّص من تدريبات الجيش في المنطقة، خصوصاً بالذخيرة الحية، و«تجلت انعكاساتها في الحرب الأخيرة على لبنان». وزادت أن الجيش يخشى أن يقوم مواطنون قريبون من «منطقة النار» بجمع معلومات استخباراتية عن تدريبات الجيش والوسائل القتالية التي استخدمت، «واستغلالها لعمليات تخريبية». من جهتها، أوضحت منظمات حقوقية تبنت الدفاع عن الأهالي أن القرى ال 12 تطورت في شكل طبيعي من بلدات من سكان مغُر إلى بلدات عادية، وأنه قبل احتلال المنطقة أقام عدد من السكان منازل من الحجر. وأضافت أن «سكان المغر» اعتاشوا من الزراعة ورعاية المواشي وإنتاج الحليب والأجبان وحافظوا على هذا النمط إلى اليوم، بالإضافة إلى الانخراط في الحياة العصرية وإرسال أولادهم إلى المدارس.