حين تبدأ ساعات الصوم الطويلة في مصر بانقطاع الكهرباء بضع ساعات فيما درجة حرارة الطقس تزيد على الأربعين، فإن الناس لا يجدون سوى الرئيس محمد مرسي ليغضبوا منه. أزمة انقطاع الكهرباء في مصر تفاقمت هذه الأيام مع قدوم شهر رمضان لتزيد من معاناة المواطنين، فبسبب البنية التحتية المتهالكة وارتفاع درجات الحرارة وزيادة الضغط على شبكة الكهرباء عمدت الحكومة إلى قطع التيار الكهربائي لساعات طويلة، خصوصاً في المناطق الفقيرة، ليزيد سخط البسطاء الذين يعانون أصلاً كبد العيش، ووصل الأمر بهم إلى حد الاحتجاج وقطع الطرق تعبيراً عن غضبهم ولإيصال رسالتهم إلى الحكومة، حتى أن أهالي منطقة شعبية في محافظة الجيزة حاولوا اقتحام مبنى المحافظة احتجاجاً على قطع الكهرباء عن منطقتهم لفترات طويلة، رغم أن استهلاك هذه المناطق المكتظة بالسكان لا يُقارن باستهلاك شارع واحد في منطقة راقية لا يخلو أي منزل فيها من مكيفات الهواء كثيفة الاستهلاك للكهرباء. وما يزيد من صعوبة الموقف أن تنقطع الكهرباء فيما درجات الحرارة مرتفعة داخل المنازل بفعل الطقس وخارجها بفعل تبادل إطلاق النيران بين طرفي مشاجرة سقط فيها 9 قتلى وجرحى. ذلك ما بدا عليه المشهد أول من أمس في منطقة الزاوية الحمراء في القاهرة على بعد أقل من كيلومترين من مقر وزارة الدفاع وأمتار قليلة جداً من مقرات عسكرية في المنطقة. وبدت المنطقة ساحة حرب وسط تبادل كثيف لإطلاق النار بين طرفي مشاجرة اندلعت فجأة في المنطقة، وما زاد من صعوبة الموقف إلقاء الزجاجات الحارقة وسط الظلام الدامس الذي فرضه انقطاع الكهرباء. وما أن انتهت المشاجرة وأضيئت المصابيح إلا وانخرط الجميع في لملمة آثار المعركة وسط انتقادات لاذعة لمرسي الذي وعد الناس بتحقيق الأمن في المئة يوم الأولى من ولايته، فيما سيارات الشرطة لم تصل إلى موقع الاشتباكات إلا بعد انتهائها وسقوط القتلى والجرحى. وبعيداً من البرنامج الرئاسي للمئة يوم الأولى الخاص بالنظافة والأمن ورغيف العيش والطاقة والمرور والذي لم يتحقق منه شيء، تفاقمت مشاكل حياتية أخرى غير انقطاع الكهرباء، إذ رافقها انقطاع في المياه أيضاً لساعات وفي بعض المناطق لأيام، وهو أمر ليس جديداً على المصريين، لكن أن يحدث في أيام رمضان الذي حل هذا العام في صيف شديد الحرارة، فهذا ما زاد من سخطهم، خصوصاً أن الملايين ارتفعت توقعاتهم بحصول تقدم وانتهاء معاناتهم بعد انتخاب رئيس جديد، وهو ما لم يحدث. ووصلت الأزمة إلى تطعيمات الأطفال، فأمام مكتب صحة حي حدائق القبة قرب مقر وزارة الدفاع تجمع عشرات من آباء وأمهات رضع اصطحبوهم لتلقي جرعة تطعيم تحصينية ضد أمراض وأوئبة مختلفة، وكانت المفاجأة أن مكتب الصحة أبلغهم بأن هناك نقصاً في أمصال التطعيم ضد شلل الأطفال، ما يحول دون منح الرضع بقية الجرعات لحين توافر هذا المصل، وهو ما قوبل ب «ثورة» من الأهالي، خصوصاً أن هذه المرة لم تكن الأولى التي يتم فيها إرجاء تطعيم أطفالهم، وزاد تخوفهم من مرور فترة التطعيم من دون حصول أبنائهم على المصل، فما كان من مسؤولي مكتب الصحة إلا أن عرضوا عليهم منشوراً موجهاً إلى وزارة الصحة للمطالبة بتوفير أمصال التطعيمات على وجه السرعة بسبب العجز المحلي فيها، وهو ما لم يقنع الأهالي الذين كادوا يفتكون بموظفي مكتب الصحة. كل هذه الأزمات يمر بها المصريون وسط تراجع ثقتهم في قدرة الاقتصاد على التعافي في الفترة المقبلة، إذ كشف تقرير لمركز معلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أن المصريين أصبحوا أقل تفاؤلاً بإمكان تحسن أحوالهم المعيشية مقارنة بالأشهر الماضية، لتزداد همومهم هماً.