كشف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في ختام اجتماع عقدته لجنة السلام العربية في الدوحة مساء أمس، برئاسة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وحضور الرئيس محمود عباس، أن السعودية قدمت 100 مليون دولار لدعم السلطة الفلسطينية كمبلغ «إضافي لما هو مقرر عليها»، وهو ما قدمته أيضاً في وقته، وقال إن العراق قدم أيضاً 25 مليون دولار، وأكد ان الدول العربية قررت في اجتماع لجنة المبادرة العربية ليل الاحد-الإثنين، التوجهَ لطلب منح دولة فلسطين وضع «عضو غير كامل العضوية» في الاممالمتحدة، من دون تحديد موعد لذلك. وأوضح عريقات، أن اجتماع الدوحة وافق على اقتراح قدمه الرئيس عباس في شأن تشكيل لجنة دولية للتحقيق في قضية اغتيال الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، مشدداً على «أننا نريد قراراً من مجلس الأمن، ونريد الوصول الى الحقيقة». ورأى ان المطلوب الآن مبادرة دولية في هذا الشأن. وأكد رداً على سؤال ل «الحياة» عن أولوية التحرك في المرحلة المقبلة بعد اجتماع لجنة السلام العربية، فقال إنها تكمن في «إعداد الملفات وتقديمها الى اجتماع وزاري (عربي) سيعقد في الجامعة العربية في الخامس من أيلول المقبل». وفي شأن المصالحة الفلسطينية، قال إنه تم الاتفاق على تنفيذ اتفاق القاهرةوالدوحة، مؤكداً استمرار الرعاية المصرية. وأكد أن «الاجتماع ناقش الوضع الاقتصادي الخانق الذي يعيشه الفلسطينيون، وشكرنا الدول التي سددت التزاماتها، ودعونا أخرى لتسديد تعهداتها». من جهة اخرى، صرح عريقات لوكالة «فرانس برس» عبر الهاتف من الدوحة: «قرر العرب التوجه الى الأممالمتحدة بطلب عضو غير كامل العضوية لدولة فلسطين في الأممالمتحدة». وأشار الى ان موعد تقديم الطلب سيتم تحديده في الاجتماع المقبل للجنة قبيل افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأوضح: «تم الاتفاق على بدء التحضير للملف القانوني والإجرائي والسياسي لطلب العضوية غير الكاملة للفلسطينيين». واضاف: «تم إقرار مجموعة إجراءات للتشاور مع المجموعات الدولية، ومنها الاتحاد الاوروبي والمجموعة الافريقية وحركة عدم الانحياز واميركا الجنوبية وغيرها من المجموعات في المنظمة الدولية، بهدف الحصول على دعمها الطلب الفلسطيني». انتقادات في رام الله وفي رام الله، أثار عدم تحديد موعد لتقديم طلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنح الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 صفة «دولة مراقِب»، انتقادات واسعة بين القوى وفي الشارع الفلسطيني. وكانت القيادة الفلسطينية دأبت طيلة الشهور الماضية على توجيه رسائل الى الشارع الفلسطيني مفادها أنها ستقدم طلباً الى الجمعية العامة للحصول على صفة عضو مراقب. لكن مصادر مطلعة أكدت ل «الحياة»، أن الإدارة الأميركية رفضت التوجه الفلسطيني الى الأممالمتحدة، وأن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أبلغت الرئيس عباس في اجتماعهما الأخير في باريس مطلع الشهر، أن إدارتها ستغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وستوقف دعمها المالي للسلطة في حال تقديمه طلباً الى الأممالمتحدة لنيل صفة «عضو مراقب». وقالت المصادر إن عباس قرر إثر ذلك تحدي الموقف الأميركي والتوجه الى الأممالمتحدة، لكنه فضل تأجيل الخطوة الى ما بعد الانتخابات الأميركية تجنباً لحدوث مواجهة مؤكدة خلال فترة الحملة الانتخابية التي غالباً ما تتخذ فيها الإدارة مواقف متصلبة لصالح إسرائيل بهدف إرضاء اللوبي اليهودي الموثر في نتيجة الانتخابات. وقال وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي ل «الحياة»: «لم نشأ أن نحدد موعداً، خشية ألاّ تكتمل التحضيرات في الموعد المذكور، ونعمد الى تأجيله». واضاف: «نعم سنذهب، ولا جدال في ذلك، ولدينا الآن الوقت الكافي للتواصل مع الدول الأعضاء في الجمعية العامة ومع المجموعات الإقليمية أيضاً، للحصول على دعمها». وأشار الى عامل آخر هو استنفاد الفرص والمبادرات الهادفة الى إعادة الفريقين الفلسطيني والاسرائيلي الى طاولة المفاوضات، وقال: «نحن ذاهبون، لكننا سنذهب عندما نكون جاهزين، وعندما تكون الآفاق مغلقة ولا أمل في العودة الى المفاوضات». لكن القوى السياسية وكثير من المراقبين انتقدوا بشدة تأجيل الخطوة الفلسطينية بناء على طلب أميركي، وقال المفاوض السابق حسن عصفور في مقال نشره أمس على موقعه الالكتروني «أمد»، إن الانطلاقة الفلسطينية التي تحققت في التوجه الى مجلس الأمن العام الماضي، توقفت من دون أن يتحقق الهدف منها. وأضاف: «منذ أن توقفت الانطلاقة بناء على ضغط دولي لإتاحة الفرصة للرئيس الأميركي لتجريب خياره المجرب، انقلب المشهد السياسي على الرأس الفلسطينية، وتوقف القطار الفلسطيني المنطلق بسرعة مرعبة كي يسمح للقطار الاسرائيلي بأن يجتاح كل ما يمكن أن يجتاحه، تهويداً واستيطاناً واستخفافاً سياسياً غير مسبوق، الى أن وصل الأمر ليتم الحديث عن يهودية الضفة الغربية، وأن الحرم القدسي جزء من أرض اسرائيل». وخلص عصفور الى القول: «أي تأخير عن استثمار الجمعية العامة المقبلة لخوض معركة الدولة المراقِب، يعني عملياً كتابة النهاية للمشروع الوطني بأسماء مختلفة، قد تكون الجمعية العامة هي الطلقة الأخيرة المثمرة التي لا تزال بيد القيادة الفلسطينية والرئيس عباس، إن لم تُطلق في زمانها الصحيح، أيلول (سبتمبر) المقبل، ومكانها السليم، الجمعيةِ العامة لتحقق هدفها بالفوز لفلسطين بمقعد دولة مراقِب، فستكون قوى الشر السياسي بدأت في تحقيق كل ما أرادته».