استضاف المسرح الوطني في بغداد مسرحية «الحريق»، من إخراج محسن العزاوي وإعداد الكاتب والمخرج الراحل قاسم محمد، المستوحاة من مسرحية «الملك لير» لوليم شكسبير. وعاود العزاوي، الذي يعدّ أحد الأرقام الصعبة في المعادلة الإبداعية للمسرح العراقي، مسيرتَه الإخراجية الفاعلة والمؤثرة في المشهد المسرحي العراقي والعربي، بهذا العمل الجديد، وهو الأول الذي تطلقه الفرقة القومية للتمثيل، إيذاناً ببدء موسمها المسرحي الجديد الذي يشتمل على عروض متعددة لمخرجين من الرواد والشباب. استعان العزاوي بنجم المسرح العراقي الممثل سامي قفطان، بالاشتراك مع رائد محسن وبتول عزيز وسولاف جليل وسلوى الخياط. وحول مضمون «الحريق» وفكرتها، اللذين أشعلهما إبداعاً متوهجاً بالإبهار والدهشة المرجوة على خشبة المسرح الوطني، يقول العزاوي: «الحريق تسمية ترمز الى كل ما يهدم الاوطان ويحرقها، أطلقها المؤلف قاسم محمد من خلال تناص جديد لمسرحية «الملك لير»، إذ أراد بها أن يعزز وحدة الوطن». فالملك في هذه الدراما المقتبسة قسّم مملكته بين بناته الثلاث، بدوافع عائلية تكاد تكون متشابهة مع ما حدث أو يحدث في بلدان كثيرة، حفاظاً على العرش والكرسي، من دون الرجوع الى الشعب لاختيار الحاكم. وعن معالجته الإخراجية، قال العزاوي إنها «لا تنفصل أو تختلف عن بقية الاجتهادات في مسرحيات أخرى، فطبيعة الأحداث والفكرة الدرامية ومتطلبات العرض المسرحي تفرض نفسها هنا. وهي تخضع لمنهج المسرح الشامل من خلال توظيف الوحدات المسرحية المتمثلة بقدرة الممثل الابداعية والتقنيات وغيرها من الوحدات المكملة للعرض المسرحي، وصولاً الى تحقيق الإبهار والدهشة». أما على صعيد خياراته للممثلين في «الحريق»، فأكد العزاوي أن «الاختيار تم وفق حاجة المسرحية الى المستويات العمرية، فالفنان سامي قفطان الذي يشارف السبعين من العمر، يكاد يقترب من تلك الشيخوخة التي حمّل بها شكسبير الملك لير. وشخصية البهلول تقترب من التكوين الجسدي لرائد محسن، الذي يبدو صاحب العقل والحكمة اللذين وظفهما لإدانة الملك حين أقدم على تقسيم المملكة، فضاع هو والملك والمملكة». علامة المسرح العراقي لا يُذكر المسرح العراقي الاصيل إلا ويُذكر اسم محسن العزاوي، باعتباره أحد أعلامه المميزين الذين أثروا مسيرته بالعطاءات، التي لا تزال راسخة في ذاكرة الاجيال. بدأ العزاوي مشواره الفني من مدينة الناصرية - جنوب العراق، ليصبح واحداً من أبرز مخرجي المسرح العراقي والعربي منذ أنهى دراسته في معهد الفنون الجميلة العام 1960، ومن ثم دراسته العليا في أكاديمية الفنون الدرامية والموسيقية في براغ العام 1966، حتى حصل على الدبلوم العالي وعيّن مدرساً في معهد الفنون الجميلة لتدريس مادة التمثيل ونظريات الموسيقى. وكان حصاده الابداعي وافراً، تمثل بأكثر من 70 عملاً مسرحياً لفرق مسرحية رسمية وأهلية، أهمها الفرقة القومية للتمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح التي تولى إدارتها. ومن هذه المسرحيات «شغل»، «فلوس الدولة»، «طنطل»، «جذور الحب»، «مملكة الشحاذين»، «نشيد الارض»، و«أرجوحة الزمن الضائع».