أيام قليلة تفصلنا عن شهر الرحمة والأنوار والغفران والعتق من النار. أيام قليلة لنستقبله وفي القلب فرحة وغصة. فرحة عارمة باستقباله، فكم نحن مشتاقون له ولأيامه وللياليه وبركاته. وغصة لما يحدث لإخواننا وأهلنا في سورية وفي بورما، ودعواتنا إلى الرحمن الرحيم أن يكون معهم ويخلّصهم مما هم فيه. لندعو أيضاً أن يمرّ علينا هذا الشهر العظيم ونحن نتمثل المعنى الحقيقي للصيام وللعبادة، ولندعو أن يعرف كل مسلم أن أداءه للعمل بإتقان لخدمة الصائمين والصائمات هو أيضاً عبادة، فلا يصح أن ينشغل الطبيب مثلاً بقراءة القرآن في وقت تمتلئ المستشفى بالمرضى والمراجعين، الصوم ليس معناه أن نقضي وقت العمل في القراءة فهي أوقات مخصصة لعمل سيحاسبنا الله عليه. ولندعو أيضاً أن يهدئ الصائمون من أنفسهم، فالجوع ليس مبرراً للعصبية ولا علو الصوت، ولا السرعة في القيادة للوصول إلى المنزل قبل أذان المغرب بدقائق! حتى لو عرّض حياة الآخرين للخطر. ولندعو أيضاً أن تمتلئ المساجد عن بكرة أبيها بالمصلين والمصليات، والأهم أن نتمثل ديننا الرائع ونتجمل قبل الوصول للمسجد، وأهم أنواع التجمل هي النظافة والاستحمام وإزالة رائحة الطبخ الذي تنشغل فيه معظم السيدات فرحاً بقدوم الشهر المبارك، ولإسعاد عائلاتهن بمائدة عامرة بما لذّ وطاب، ولكن الأهم ألا نلقي ببقية الطعام في القمامة، وبإمكاننا صنع المواد وطبخها من دون إسراف، لأن هناك ملايين البشر لا يجدون كسرة الخبز، فحفظ النعمة أيضاً عبادة، وعدم الإسراف عبادة، وإعداد الطعام وإكرام الضيف ليس بالمبالغة في إعداد الموائد، إنما بفرحتنا بالضيف وحسن استقباله. لندعو أيضاً أن تُدخل ربات البيوت الفرحة على الخادمات الصائمات مثلنا فلا نزيد من أعبائهن المنزلية، فالخادمة هي أيضاً تريد أن تصلي وتصوم وتقرأ القرآن، فلنهيئ لها الجو أيضاً للتعبّد ومراعاة وقت نومها، ومساعدتها حتى تنتهي من الأعمال المنزلية التي لا تنتهي. علينا أن نشتري لهن كما نشتري لأنفسنا، فهن غريبات ووحيدات، والأسرة التي تعمل عندها الخادمة ينبغي أن تكون بمثابة أسرتها الثانية، فلنشعرها أنها جزء من الأسرة. يُفرح قلبي ويسعده جداً أن أرى شباننا وشاباتنا منخرطين ومنخرطات في إطعام الصائمين بوجبات ساخنة قبل أذان المغرب، ويسعدني أن أسمع عن جهود مباركة في تجهيز صناديق بحاجات الأسرة لشهر رمضان فهو عمل جميل. من التعبّد الذي أفهمه أيضاً أن نرحم جامعي القمامة، من حسن التعبد أن نحافظ على نظافة شوارعنا، فلا نلقي بالقاذورات من نافذة السيارة، أو نضع القمامة في الشارع وليس في الصناديق المخصصة لها، حتى لو كان هدفنا ونيتنا مساعدة هؤلاء طمعاً في ثواب الله. لندعو أيضاً أن يوحّد الله بين المسلمين والمسلمات باختلاف مذاهبهم وآرائهم، لندعو الله أن تختفي العصبية المقيتة التي نهى عنها خاتم الرسل. بعد كل ما سبق لا يسعني إلا أن أدعو لي ولكم لنسعد بدخول الشهر الفضيل... وأهلاً رمضان. suzan_almash s_almashhady@