في خطوة لافتة، هنأت جماعة «العدل والإحسان» التي يتزعمها الشيخ عبدالسلام ياسين، زعيم «العدالة والتنمية» رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران في مناسبة معاودة انتخابه أميناً عاماً لحزبه. وأفادت المصادر أن وفداً يضم فتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم الجماعة وأبو بكر بن الصديق ومحمد حمداوي زار بن كيران في مقر إقامته في الرباط. وعرض الطرفان إلى سمات المرحلة الراهنة التي تحتّم «تكثيف جهود كافة المكونات الصادقة لبناء غد أفضل للبلد بأيادي كل أبنائه ليسعهم جميعاً بكل اتجاهاتهم». وذكرت مصادر الجماعة أن اللقاء ينسجم وسلوكها الثابت إزاء كافة الأحزاب في المناسبات المماثلة، مؤكدة أهمية «التقارب والحوار» لبناء العمل المشترك «مهما كان الاختلاف أو التقارب المرجعي». غير أنها المرة الأولى التي يجتمع فيها وفد من «العدل والإحسان» إلى مسؤول رفيع المستوى يقود الائتلاف الحكومي وإن كان سقفه «حزبياً». وتكمن أهمية المبادرة، وفق أكثر من مصدر، في أن رئيس الحكومة المغربية كان دعا قياديي ونشطاء «العدل والإحسان» إلى الانفتاح على المشهد السياسي، واقترح عليهم تشكيل حزب سياسي يعمل في إطار الشرعية الدستورية. ورهن ذلك بالانضباط وفق القواعد التي تنظّم العمل الحزبي في البلاد، في إشارة إلى قوانين الأحزاب. ولم يصدر عن الجماعة ما يفيد بالانعطاف في هذا الاتجاه، وإن كانت الزيارة التي قام بها وفد يمثّلها لبيت بن كيران تُعتبر مؤشراً إيجابياً. وسبق للشيخ عبدالسلام ياسين، بعد رفع الإقامة الجبرية عنه، أن وجه نداء إلى الأحزاب السياسية لتشكيل جبهة عريضة للإصلاح. واختار شباب الجماعة العام الماضي الانضمام إلى «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية التي نفّذت المزيد من التظاهرات في كافة أرجاء البلاد. غير أن الجماعة فكّت ارتباطها ب «حركة 20 فبراير» في وقت سابق، على إثر بروز خلافات طاولت سقف المطالب والشعارات. ثم نحت الجماعة في اتجاه معاودة خوض «حرب الشواطئ» في مناسبة موسم الاصطياف والعطل، لكنها ووجهت بتصدي السلطات التي رأت في ذلك نوعاً من «الاستفزاز». وأعاد اللقاء بين بن كيران ووفد «العدل والإحسان» إلى الأذهان مبادرة سابقة كان أقدم عليها الزعيم المؤسس ل «العدالة والتنمية» الدكتور عبدالكريم الخطيب يوم فتح حواراً وقادة الجماعة حضهم فيه على الانخراط في العمل السياسي الشرعي. وجرّبت شخصيات مستقلة الدخول على الخط، لكن محاولاتها باءت بالفشل في ظل اعتراض الجماعة على «المشروع الديموقراطي» الذي ترى أنه يعتريه النقص والخلل.