يبدو أن مسلسل الأيتام لدينا (مسلسل مكسيكي غير مدبلج) حلقاته لا تنتهي، ولا أعتقد أنها ستنتهي إلا بتغيير النظرة لهؤلاء، وحتى تتغيّر النظرة يجب أن تكون هناك إجراءات صارمة ومراقبة مستمرة حتى على المديرين والمديرات، فحتى هم ومن أعلى منهم في السلم الوظيفي لا يعلمون حتى اللحظة معنى التعامل مع الأيتام، وكيفية الحفاظ على حقوقهم. قبل شهور عدة قامت إحدى مؤسسات رعاية الأيتام في المدينةالمنورة بإخراج خمس يتيمات من القرية، ووضعهن في شقة بمفردهن، وكان السبب كما قرأت في الصحف تأديبهن، وكانت النتيجة أنهن كسرن الباب وهربن. سؤالي بعيداً عن موضوع الهروب، هل التأديب يكون بحبس الفتيات في شقة من دون مشرفة؟ ماذا لو حدث حريق داخل الشقة التأديبية؟ كيف سيتم إنقاذهن؟ ماذا لو حاولت إحداهن الانتحار؟ ماذا لو مرضت؟ هل التأديب يكون بالعزل؟ سؤالي الثاني من صاحب أو صاحبة هذه القرارات؟ وهل هي قرارات فردية مزاجية، أم تحت مظلة مسؤولي الوزارة؟ اليوم طالعتنا الصحف عن خبر مشابه وفي القرية نفسها، وهو عن شكوى الفتيات من بقائهن في الشمس خلف سياج حديد للتحدث مع المديرة؟ فأي علاقة تربطها بهن؟ هل هن في سجن، أم هل هن في قرية من المفترض أن تكون بيتهن الأول والثاني والأخير أيضاً؟ وعن سرعة إبلاغ الشرطة عن تلفظ الفتيات على بعض المشرفات، وبلاغ آخر عن قيامهن بقطع جزء من السياج الذي ذكّرني بسياج غوانتانامو؟ أكرّر مطالبتي بضرورة اختيار المسؤولات بعناية، وضرورة اختيار المشرفات والمراقبات بعناية أكبر، وضرورة وجود عاطفة الأمومة لديهن، قبل خمس سنوات وردتني شكاوى عدة عن دار الرعاية في مكة، الدار التي شهدت سجالاً حافلاً، وتدخلت فيه جهات كثيرة، وأثبتت التحقيقات صحة الشكاوى وصدق مرسليها. اليوم ومنذ شهور نعيش الموقف نفسه، وتتناثر الأخبار هنا وهناك، ألا تستوقف المسؤولين في الشأن الاجتماعي لضرورة التحقق من كيفية معاملة الفتيات عوضاً عن اتهامهن بالحالات النفسية وصعوبة المرحلة العمرية؟ لا يكفي كلما جد موقف أن نهرع للتحقيق من لجنة إلى لجنة الى لجنة حتى ننسى الموضوع بحادثة جديدة تقرع أجراس الخطر بأن هناك ما يثير الشبهات، وأقلها وأبسطها عدم ملاءمة العاملات هناك لهذا العمل الإنساني الرائع، لماذا لا نوكل مسؤولية رعاية هؤلاء وغيرهن إلى أناس مجبولين على الخير لديهم أمومة واضحة وصبر وقدرة على الاحتواء تتسع لأخطاء شابات في عمر الزهور شاء لهن القدر ذلك. لم يعد منطقياً أن نلقي بالتهم على الفتيات، ثم نحولهن للمحاكم، ثم نوزعهن على دور أخرى في مدن أخرى. لم يعد منطقياً أن نقرأ من مسؤولي الشؤون الاجتماعية أن هؤلاء هن أبناؤنا وبناتنا فهل تجلدون بناتكم؟ وهل تحبسوهن في شقة بمفردهن؟ وهل تبلغون الشرطة لأنهن قمن بالتلفظ على آبائهن وأمهاتهن في لحظة انفعال مبررة؟ ثم تطالعنا الصحف بأقوال لمسؤولين كل هدفهم إلقاء اللوم على اليتيمات وترطيب العلاقة! [email protected] @s_almashhady