أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    الرياض يوقف صحوة الفتح.. وخسارة خامسة على التوالي للخلود    فيصل بن سلمان يزور عائلة الرويشد    حارس مرمى غوانغجو: سنحسم مواجهة الهلال خلال ال 90 دقيقة    معرض للتوعية بالأمن السيبراني    المملكة رئيسا لإقليم آسيا بمنظمة الأرصاد الجوية    أمير الرياض يرعى حفل افتتاح أعمال المنتدى السعودي للألبان بمحافظة الخرج    افتتاح جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الرئاسة الدينية تحذر من المقاطع المفبركة لأئمة الحرمين    منصة لحماية الأوقاف وتعزيز شفافيتها    "النجيمي"عضو فريق توثيق تاريخ كرة القدم السعودية: كافة مكتسبات الكرة السعودية والأندية محفوظة وفق معايير التصنيف    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عالية الدويش    «النقد الدولي» يحذر من تجاوز الدين العام العالمي لمستويات «كورونا»    افتتاح مكتب النيابة في مطار الدمام    محافظ الطائف يستقبل مدير عام هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة    نائب أمير تبوك يهنئ نادي نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    أمير تبوك يستقبل الفائزين في معرض جنيف الدولي للاختراعات    رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس مجلس الشورى القطري    محافظ الطائف يكرم الجهات المشاركة في فرضية الدفاع المدني    وكيل محافظة بيش يكرم القادة و المتطوعين بجمعية البر ببيش    أمير تبوك يهنئ نادي نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    ملك الأردن يغادر جدة    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    رئيس جامعة الإمام عبدالرحمن يفتتح أعمال ومعرض المؤتمر ال17 لمستجدات الأطفال    القبض على مواطنين لترويجهما مادتي الإمفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين و 1.4 كيلوجرام من الحشيش المخدر    حظر جماعة الإخوان في الأردن    وكيل محافظة بيش يدشن أسبوع البيئة    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    الدكتور الربيعة يلتقي عددًا من المسؤولين في القطاع الصحي التونسي    فعاليات ثقافية بمكتبة الملك عبدالعزيز لليوم العالمي للكتاب    Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    السعودية تدين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي وقع في ( با هالجام) في جامو وكشمير والذي أسفر عن وفاة وإصابة العشرات    الداخلية: 50,000 ريال غرامة بحق كل مستقدم يتأخر عن الإبلاغ عن مغادرة من استقدمهم في الوقت المحدد لانتهاء تأشيرة الدخول    بيان مشترك في ختام زيارة رئيس وزراء جمهورية الهند للسعودية    أمير منطقة جازان: فرص سياحية واعدة تنتظر المستثمرين في جزر فرسان    ترند اليوم لا تتذكره غدا في هيئة الصحفيين بمكة    الاحتلال يُدمر آليات الإنقاذ استهدافًا للأمل في النجاة.. مقترح جديد لوقف الحرب في غزة وسط تصعيد متواصل    عودة رائد الفضاء دون بيتيت بعد 220 يوما    مصر ولبنان يطالبان بتطبيق القرار 1701 دون انتقائية    اقترب من مزاحمة هدافي روشن.. بنزيما.. رقم قياسي تاريخي مع الاتحاد    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    الخليج والقادسية في ديربي شرقاوي.. والرياض يواجه الفتح    استمرار تحمل الدولة رسم تأشيرة عمالة مشروع «الهدي».. مجلس الوزراء: إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    105 تراخيص جديدة .. ارتفاع الاستثمارات والوظائف الصناعية في السعودية    إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    دول آسيوية تدرس مضاعفة مشتريات الطاقة الأميركية لتعويض اختلال الميزان التجاري    معرّفات ظلامية    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    دليل الرعاية الصحية المنزلية.. خارطة طريق لكفاءة الخدمات    "جامعة جدة" تحتفي بأبطال المبارزة في بطولة المملكة للمبارزة SFC    7 مليارات ريال تمويل القروض الزراعية    نائب أمير الرياض يُشرف حفل السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسماري: دخل أنان الخيمة مرعوباً وأشرف القائد شخصياً على خطة إذلاله...لبس القفازات البيض كي لا يصافح مبارك وفوجئتُ ببيرلوسكوني يقترب ويقبّل يده (4)
نشر في الحياة يوم 17 - 07 - 2012

ماذا يريد معمر القذافي أكثر من ذلك؟ جاء رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني الى مؤتمر الشعب العام. ألقى خطاباً ثم تقدّم من قائد الثورة وقبّل يده. كان أمين المراسم نوري المسماري واقفاً قرب القائد وأثار المشهد استغرابه. لاحقاً سُئل المسماري في التلفزيون الإيطالي إن كان يشعر بالخجل لأنه عمل مع القذافي، فأجاب: «كنتُ أعمل مع ليبيا وليس مع القذافي، وكنتُ أعمل من اجل ليبيا. أنا لستُ خادماً عند القذافي لكن من يجب أن يخجل هو مَن مدَّ أمامه البساط الأحمر وطابور الشرف وعزف له الأناشيد وقبّل يده. أنا لم أفعلها».
كان القذافي يشعر في قرارة نفسه أن الغرب يبحث عن وسيلة لاسترضائه وعينه على «الذهب الأسود» الذي تنام عليه ليبيا. غفر الغرب للقذافي تاريخه الدموي في الداخل وابتهج بإعادة تأهيله وتحسين صورته. جاءت المفاجأة هذه المرة من «الربيع العربي».
كان القذافي يستمتع بإذلال الرؤساء، يتأخر عن المواعيد أو يُعدّل برنامجه فجأة ويُربك مستقبليه والقواعد المتعارف عليها. وكان يتعمّد إزعاج من يستقبلهم. يضرب لهم موعداً في الصحراء. ذات يوم وضع خطة لإذلال زائر اسمه كوفي أنان جاء للبحث في قضية لوكربي. استقبله ليلاً في الصحراء في مخيم موحش، فخاف الزائر وتوهّم وجود أُسود في الصحراء، التي غرقت في ليل دامس باستثناء خيمة العقيد.
ثمة رحلة أرضت غرورَ قائد الثورة. استقبله الزعيم الكوري الشمالي كيم إيل سونغ بأمواج بشرية ولوحات فنية مذهلة. اعتبر المشهد نوعاً من الاعتراف بفرادة زعامته. ربما لهذا السبب كان يصرّ لاحقاً على استخدام تعبير «يا ابني» في مخاطبة عدد من القادة العرب الشبّان، وصولاً الى رجل اسمه باراك أوباما. وكان يتعمّد ذلك للتقليل من شأن من يخاطبه. وهنا نص الحلقة الرابعة:
هل زار القذافي ضريح لينين في موسكو؟
- نعم، وكان تعليقه أن الرجل مات، فلماذا ينفقون الأموال لصيانة تحنيط جثمانه.
بأي زعيم عالمي كان معجباً؟
- بمعمر القذافي!
ماذا كان يقرأ؟
- كان يقرأ كثيراً التاريخ العسكري والسياسي والمدني. قبل زيارته ايَّ دولة كان يأخذ تاريخها بالكامل وينشغل به طوال الرحلة، وحين يقابل رؤساء تلك الدول كان يختار شيئاً من تاريخهم يفاجئهم به، ومرات يكون الرئيس نفسه لا يعرفه.
مثل مَنْ؟
- مثلاً جنوب افريقيا. وهنا ذكّرتني بحادثة. أحرجني مرة مع نيلسون مانديلا. في منتصف الليل اتصل بي على خط القيادة الأحمر، وسألني اذا كنت مستيقظاً، فأجبته بنعم، فقال البس ثيابك وهات مانديلا، الذي كان يزور ليبيا بعد تركه الرئاسة. تحدثت الى مستشار مانديلا فقال: هل جننت؟ الرجل نائم ومريض وركبتاه تؤلمانه. قلت: هذه التعليمات. فقال: أي تعليمات هذه؟ وهل مانديلا موظف عندكم؟ لا يمكن ان أسمح بدخول أحد لإيقاظه. سكرتيرة مانديلا عرفت ورفضت رفضاً قاطعاً. اتصلت بالقذافي وأبلغته، فقال: أبلغهم أنه موضوع مهم وأقنعهم، أعرف أنك بارع. أقفلت الخط وأخبرتهم الذي حصل، لكنهم أصروا على الرفض.
هل صحيح أنه تعمَّد إهانة بان كي مون حين أتوا به إلى طرابلس وكان القذافي في الصحراء؟
- كان يأتي بهم كلهم الى الصحراء، مرةً أهان حسني مبارك، لكن الحادث الأبرز حصل مع كوفي انان حين أتى الى ليبيا ليتكلم في موضوع لوكربي. هذه كانت اهانة فعلاً، وصل انان في النهار الى ليبيا لكن القذافي قال لا تأتوا به إليَّ إلا في الليل. كانت خيمة القذافي منصوبة في اول الصحراء على بعد مئتي متر من الطريق الساحلي. لكن التعليمات كانت القيام بعملية التفاف طويلة قبل الوصول الى المخيم، الذي امر القذافي بإطفاء كل الأضواء فيه باستثناء خيمته. شعر أنان بالخوف، خصوصاً حين سمع صوت الجِمال، فسألني ان كان هذا صوتَ أُسُود، فطمأنته، ولاحظت ان وجهه صار أبيض من شدة القلق. قضت التعليمات ايضاً بإعادة انان عبر الطريق ذاتها.
حسني مبارك أخذوه الى الصحراء فانزعج، وقال إذا كانت هناك صحراء في المرة المقبلة فلن أذهب (إلى ليبيا). لهذا صار القذافي يأتي إليه في قاعة واغادوغو أو يستقبله في بيت الضيافة المجاور لها. مبارك قال صراحة: حكاية الصحراء لا تفكروا فيها، مرة ثانية لن أذهب. في أي حال، مبارك كان يستوعب القذافي ويحرص على زيارته في رمضان وتناول الإفطار معه.
وعلاقة القذافي مع الرئيس السوداني جعفر النميري؟
- في البداية كانت جيدة، لكنها ساءت لاحقاً. في آخر أيام النميري ذهب القذافي الى السودان في زيارة رسمية وحرص على رؤيته وهو كان مشلولاً. تظاهر القذافي بالتأثر وراح يسأله عما يريد، وطبعاً كان القصد إذلاله. لكنه إعلامياً يبرمجها في شكل آخر.
هل كان يحب الصادق المهدي؟
- كلا، لكنه سانده بقوة.
وعلاقته مع الرئيس عمر حسن البشير؟
- في الفترة الأخيرة كانت سيئة، بسبب دعم القذافي جنوب السودان.
وعلاقته مع الزعيم الجنوبي جون قرنق؟
- زاره قرنق كثيراً، وبعد وفاته كانت زوجته تأتي للحصول على مساعدات للجنوب، والتقاها في كمبالا.
هل كنت معه عندما التقى عيدي أمين؟
- حين تنحى عيدي أمين وأتى إلى ليبيا أنا كنت مرافقَه. شخصيته مرحة لكنه كان غبياً.
ما قصة ملك ملوك أفريقيا؟
- ملوك أفريقيا هم الملوك التقليديون. إنهم نوع من السلاطين المحليين وشيوخ القبائل. أحبَّ (القذافي) أن يتقرّب منهم. هناك من أوحوا له بإمكان تشكيل مجلس لهؤلاء. أدخلوا في دماغه ان هؤلاء «الملوك» يؤثرون في قبائلهم وشعوبهم، فدخلت الفكرة دماغه وراح يلتقي بهم. ولاحقاً كلّف بشير صالح رئيس ديوانه ان يتكلم مع الدكتور رافع المدني الذي كان يرأس مكتباً لشيوخ افريقيا وسلاطينها. خلال اجتماع قال له: نريد من اجتماعكم ان تعلنوا ان معمر القذافي ملك ملوك افريقيا. طبعاً الدكتور رافع أُحرج، وقال له نحن لا دخل لنا، نحن لسنا دولة. الملوك تجتمع والدول تجتمع ليعيِّنوا إمبراطوراً عليهم، فهذه توجب اتفاقات ومعاهدات. قال بشير صالح: طُلب مني ذلك، طبعاً رفضوا وأُحرجوا، وبقي المسكين يحاول، وطلب بشير صالح تاجاً فتبين ان احد الملوك لديه تاج من الذهب، أخذوا التاج وأعلنوه ملك ملوك افريقيا وألبسوه إياه. مسرحية طلبها القذافي وكان مصرّاً عليها. في القمة العربية في قطر أورد أميرُها بشيء من الاستهزاء لقب ملك ملوك افريقيا، وفي القمة عدّد القذافي ألقابه، وقال: أنا عميد الحكّام العرب وملك ملوك افريقيا... الى آخر المعزوفة. كان لا يريد ان يسمع لقب رئيس او ما شابه. كان يطالب رسمياً بمناداته بالقائد معمر القذافي ملك ملوك افريقيا. أرسلنا مذكرات للاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وفيها ان التسمية الرسمية للقذافي هي قائد الثورة معمر القذافي، ملك ملوك افريقيا.
كيف كانت علاقته بالمال؟
- ليست له أي علاقة بالمال، أولاده كانوا يهتمون بالمال.
ألم يكن صاحب القرار في اقرار المساعدات؟
- أكيد، لا يخرج مليم واحد الى رئيس دولة او حزب إلا بأمر منه.
كان يوقِّع أوراقاً؟
- تقدَّم إليه مقترحات في صورة نقاط ويضع شارة صح فقط قرب ما يعجبه، فيبدأ التنفيذ.
ما هي قصة ثيابه الغريبة؟
- هذه ثياب أفريقية، هو ملك ملوك افريقيا وينادي بالاتحاد الأفريقي ويلبس كل ما يتعلق بأفريقيا. كان لديه ميل الى الثياب المزركشة ويرتدي ايضاً ثياباً شبه نسائية.
هل لديه حسابات خارجية؟
- نعم، أعتقد بأن لديه حسابات سرية.
اولاده كان لديهم المال الكثير؟
- اول من أهلك معمر القذافي هم اولاده.
القذافي كان يحب الجلوس مع المثقفين. هل كان يسبب لكم إحراجات في هذا الموضوع، مثلاً حين يذهب الى القاهرة ويجمع المثقفين؟
- أجل، كان يجمعهم كي يهينهم، كان يُظهر لهم الكلام الذي فيه خطأ ويدلهم عليه ويقول لهم هذه لا تكتب هكذا... الخ. وهذا ما يسبّب لنا الإحراج.
كان ينفق على الإعلام؟
- فقط الذين يلمّعونه، وكان غير مقتنع بالإعلام الليبي.
هل صحيح أنه لبس ذات يوم قفازات بيضاء في القمة العربية حتى لا يصافح الملك الحسن الثاني؟
- كلا، حتى لا يصافح حسني مبارك، وكانت القمة في المغرب. حين سألناه لماذا القفازات البيضاء قال لا أريد ان أصافح مبارك بسبب إسطبل داود، وكان يقصد كامب ديفيد.
وقيل انه قبل ذلك تحسس مسدسه وهدد بقتل الملك حسين؟
- نعم، حصلت مشادة بينهما بعد أيلول الأسود؟ وكان يريد الاعتداء عليه، حينها صدر قرار بعدم السماح للرؤساء بدخول اجتماعات القمة بسلاحهم.
هل كان معجباً بجمال عبدالناصر؟
- في بداية الثورة كان معجباً به، ولكن لاحقاً حين أصدر القذافي ما سمّاه الكتاب الاخضر، كان يسخر من الميثاق الذي أصدره جمال عبدالناصر، ولو كان عبدالناصر حياً لاصطدم به.
هل كنت تعمل أثناء الغارة الأميركية؟
- كلا.
ماذا كان شعورك حين شاهدت مقتل القذافي على الشاشة؟
- للأمانة، كان يجب ألاّ يُقتل. كان يجب ان يحاكم كما حوكم صدام، كي نسمع ما لديه ليقوله، ولكن للأسف كان هناك غيظ وكراهية وهناك أناس تعذبوا كثيراً وتألموا كثيراً من أعماله، خصوصاً خلال أحداث ثورة 17 فبراير. كان الناس لديهم دافع للانتقام، ما جعلهم يتصرفون التصرف الذي حصل. كان تصرفاً لاشعورياً، لم يكن شيئاً مرتباً، وأعتقد ايضاً بأنه كانت هناك أجندة خارجية لا تريد ان يصل القذافي إلى المحكمة، لئلا يتحدث عن الأسرار التي كانت لديه.
مَنْ تقصد؟
- حكام من الغرب والشرق.
هل صحيح أنه قال لباراك اوباما في قمة الدول الثماني في ايطاليا يا ابني؟
- نعم، يستخدم هذه الطريقة عمداً، وهو يقصد التصغير. كنا نقول له نرجوك لا تردد كلمة يا ابني في مخاطبة الحكام. عبدالرحمن شلقم (وزير الخارجية السابق) قال له ايضاً، فكان يرد: لا، لا، هذا شغلي انا هؤلاء أولادي. كان يقولها لبشار الأسد وملك الأردن وملك المغرب وقالها لأوباما. نصحنا بشير صالح (مدير مكتبه) بعدم إثارة الموضوع مجدداً معه لأنه كان مصرّاً على استخدام هذا الأسلوب.
أتذكر شيئاً من رحلة موسكو التي التقى خلالها الرئيس ديمتري ميدفيديف؟
- دعانا ميدفيديف الى عشاء خاص، وكانت هناك أغان وأوركسترا. قيل يومها ان السيدة المسؤولة عن ترتيب المواعيد العاطفية للعقيد حاولت إقناع المغنية بأن تزور القائد، لكنها امتنعت. السيدة نفسها كانت هذه مهمتها الدائمة، وقد مارست هذا الدور حين ذهبنا الى أوكرانيا. خلال حفلة الاستقبال في الكرملين حضر ميدفيديف وبوتين والقذافي وكنتُ جالساً معهم.
لم يقدّموا خموراً؟
- قدموا ولكن ليس له.
تقصد انه لا يشرب خموراً؟
- بحسب معلوماتي، لا يشرب.
هل يدخن؟
- يدخن مزاجياً، وكان يفعل ذلك في مؤتمرات القمة حين ينزعج او بسبب عدم الاكتراث. مرة فعلها في مؤتمر في تونس. لم يرد الجلوس مع الرؤساء فجلس في صالون لوحده. أتى زين العابدين بن علي وقال له أرجوك، فرفض، وبعدها أتى عبدالعزيز بوتفليقة. اعتقد بأن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني جاء أيضاً وبعده الشيخ صباح الأحمد (أمير الكويت حالياً). كان (القذافي) يحب هذا النوع من المشاهد. وكان يدخن وإلى جانبه عبدالرحمن شلقم. سأله الشيخ صباح الأحمد عن السبب، فأجابه: والله من همكم وغلبكم أدخن.
هل حصلت إشكالات في القمة العربية في دمشق؟
- الإشكالات العادية. مدد إقامته حينها لأنه كان يريد الاجتماع بالرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر. زاراه في مقر إقامته وتكلما معه وكان معجباً بهما.
ماذا قال عن اللقاء؟
- كان يقول إنهم أناس يفهمون وأصحاب كاريزما. ويتابعون شؤون الاقتصاد ولديهم إلمام جيد. سمعته يقول ان الرئيس حافظ ترك أسوداً من بعده. كان راضياً عن لقائه معهما، فحين كان يرضى عن لقائك يمدحك. كنا على متن الطائرة في رحلة العودة، كان يتكلم هو وأحمد قذاف الدم ويوسف الدبري وعبدالرحمن شلقم وكنت أنا وبشير صالح قربهم. طبعاً كَلِمَتُه في القمة استوقفت كثيرين، حين قال للرؤساء العرب ان الدور سيصل إليكم، وكان يتحدث عن إعدام صدام حسين.
هل كانت له علاقة خاصة برئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني؟
- طبعاً.
هل صحيح ان بيرلوسكوني قبَّل يده؟
- لم تكن سرية.
أين قبَّل يده؟
- في مؤتمر الشعب العام الذي هو البرلمان، وكنت أقف إلى جانبه.
ألم تُفاجأ؟
- انا استغربتُ جداً، حضر الى مؤتمر الشعب العام وتكلم فيه وألقى خطاباً، بعده اقترب من القذافي وقبل يده.
هل كان القذافي يكره الإيطاليين؟
- ظاهرياً.
ويطالبهم بتعويضات دائماً؟
- هو طالبهم بتعويضات، وبالاتفاق مع بيرلوسكوني أخذ باليمين وأعطى بالشمال. يعني أعطاهم مشاريع وكل الحاجات التي يريدونها، وكنت معهم في السيارة أُترجم، قال القذافي: ستعطون باليمين وتأخذونها بالشمال، فضحك بيرلوسكوني.
ما الذي تذكره ايضاً؟
- سئلت في التلفزيون الإيطالي إذا كنت أخجل من العمل مع القذافي، فقلت لهم إنني كنت أعمل مع ليبيا وليس مع القذافي، وكنت أعمل من أجل ليبيا. أنا لست خادماً عند القذافي، لكن مَنْ يجب أن يخجل هو من مد أمامه البساط الأحمر وطابور الشرف، وعزف له الأناشيد وقبّل يده، أنا لم افعلها. هذا كان تعليقي على هذه الحادثة التي حصلت كما أعتقد في العام 2009.
ماذا كانا يتحدثان؟
- عن العلاقات الليبية – الإيطالية والاستثمار... الخ، وكان بيرلوسكوني يحاول إغراء القذافي، وعرض عليه الذهاب معه الى سردينيا لتمضية سهرة في منزله، لكن الوفد الليبي خاف من الفضيحة.
أحضروا له بنات إيطاليات وحاضر فيهن عن الإسلام؟
- هذه ذريعة، حكاية الإسلام. الموضوع فقط من أجل ان يجمعوا البنات، كانت تجمعهم مبروكة الشريف، ويأتي بهن ويتحدث إليهن وتؤخذ الصور وتُجلَب له كي يختار، اما الصور المرئية فكانت تعرض كمحاضرة على التلفزيون.
هذا كان يحصل في إيطاليا أم في ليبيا؟
- في إيطاليا وليبيا.
ليبيا مجتمع محافظ؟
- حتى عندما كان يذهب الى مراكز للتجمعات النسائية او الجامعات، يصورون ثم يجمع الزبانية لديه لإقناع هذه الفتاة او تلك التي يريدها. هذا ليس سراً، بل يعرفه الجميع.
لم يكن لديه احترام للقيم؟
- ابداً.
لكن هذا بلد القبائل والعشائر؟
- هل هو يفهم القبائل والعشائر؟ يدّعي البداوة والقبلية وأنه ابن قبيلة وعشيرة لكنه بعيد كل البعد عن أخلاقياتها.
هل كان يتناول حبوب فياغرا؟
- لا أعرف. بشير صالح أخبرني أنه كان يأخذ حقنة، ويقال إن بيرلوسكوني أسدى إليه نصائح في هذا المجال.
ألم تحزن لمصيره؟ أم كنت تتوقع له ذلك؟
- أنا قلت ان هذا الشخص لن يتنازل ولن يتنحى، ولا تتعبوا أنفسكم لأنه لن يغادر ليبيا، وسيستمر حتى آخر لحظة. قلتها لرؤساء، ولكن كان بودي ان يدخل المحكمة أولاً إذلالاً له أن يكون في قفص الاتهام ويحاكم، وفي ذلك رد اعتبار للمساجين الذين زج بهم في سجن أبو سليم، وللناس الذين كان يوجّه إليهم التهم الباطلة وينكّل بهم.
هو من أمر بمذبحة سجن ابو سليم؟
- طبعاً هو المسؤول، مجزرة مثل هذه أو قتل وذبح لا بد ان تكون بعلمه، هو مَن يوقّع ويعطي الإشارة.
هل رافقته في زيارة كيم ايل سونغ؟
- طبعاً ومنحني الزعيم الكوري وساماً، كنتُ ضمن مجموعة.
كيف كان اللقاء؟
- حميماً جداً وصداقة، وكان كيم ايل سونغ مهتماً بالقذافي في شكل رهيب. اقام له استقبالاً لا تراه إلا في افلام والت ديزني، استقبالاً باهراً، لا وصف له. البشر كانوا يرتدون ألواناً مختلفة، إذا نظرت إليهم من الجو ترى في الشوارع ألوان الطيف، وسيارة مكشوفة ركبها كيم ايل سونغ والقذافي، وحين نزل القذافي قال لي حين يأتي كيم ايل سونغ إلى ليبيا هل ستتمكن من تنظيم مثل هذا الاستقبال له؟ قلت له هذا إمكاناته رهيبة. ثم أقام له احتفالاً لا يوصف باللوحات الخلفية في الملعب، لكن مثل هذه موجود في ليبيا. في الملعب، أُقيمت لوحات من الأمواج وأرض قاحلة، وكل ذلك من البشر، وكيفية استصلاح الأرض وطوفان المياه، يعني شيء من الخيال.
هل كان معجباً بكيم ايل سونغ؟
- الى أبعد حدود.
على رغم أنه شيوعي؟
- على رغم ذلك، ورغم انه لم يكن يحب الشيوعية.
هل قابل ابنه كيم جونغ ايل؟
- لا.
ماذا عن رحلة الصين؟
- كان الاستقبال جيداً، ولكن ليس بحفاوة استقبال كوريا الشمالية، استقبال رسمي في المطار ورائع، وأُجريَت محادثات صعبة مع الصينيين. زرنا سور الصين العظيم، وكان برنامجاً جيداً واهتموا به.
هل كان يطلب أسلحة منهم؟
- كان يطلب تكنولوجيا. اشترطوا عليه موضوع تايوان، وألاّ تقام علاقات معها، وهذا ما حصل، ولكن قبل سنتين من أحداث 17 فبراير أقام سيف الإسلام علاقة مع جماعة تايوان وحضر وفد منها إلى ليبيا، واكتشفت الأمر مجموعة الصين، وكانوا يتجسسون عليهم. نزل وفد تايوان في قاعدة معيتيقة، وعلموا بذلك، وطلب السفير الصيني مقابلتي واحتج على استقبال ليبيا الوفد. قلت إننا لم نستقبل رسمياً احداً وليست لدينا علاقة مع تايوان، فأجاب: نعرف سيارات المراسم. قلت: سيارات المراسم ليست من نوع معين، تجدون سيارات مرسيدس كثيرة، وهم أخذوا سيارات من المراسم ووضعوا عليها لوحات مدنية كي لا تُعرف.
والعلاقات مع فيديل كاسترو؟
- كاسترو جاء الى ليبيا وكنت موجوداً، كان مخططاً زيارة كوبا ونيكاراغوا والبيرو عندما ذهبنا الى الأمم المتحدة، ولكن لم يكن الأمر آمناً، إذ أعطى الأمن الخاص تقريراً عن طريق المخابرات يفيد بأنه يُفضّل عدم الذهاب، فذهبنا الى فنزويلا.
هل كان القذافي يحب هوغو تشافيز؟
- تجمعهما صداقة حميمة جداً وعندي صور له معه.
كيف كانت زيارة كاسترو الى ليبيا، وهل ساعده مالياً؟
- ساعده كثيراً وكان معجباً به. الزيارة تزامنت مع وفاة والدة القذافي عايشة، كانت الوفاة يوم مغادرة كاسترو، فجاء الى مكتبه ليسلّم عليه وقلت له هل تريد تعزيته، إنه هنا. قال كاسترو للقذافي: أنا مُستغرب، والدتك توفيت وأنت تتعامل مع الأمر في شكل عادي، فرد القذافي: هذا قدر، وساعتها حانت.
هل كان القذافي متعلقاً بوالدته؟
- كثيراً.
ووالده؟
- يعني، وهو توفي بعد والدة القذافي، عن 84 سنة.
رافقته في رحلاته الى الاتحاد السوفياتي، بين عامي 1977 و1988، كيف كانت؟
- في كل الرحلات رافقته. كان متعجرفاً والسوفيات كانوا حسّاسين إزاء الأمر، وكانت الرحلات خلال عهد ليونيد بريجنيف.
ماذا حصل مثلاً؟
- كان يحدد موعداً ويتأخر عمداً، فيأتي بريجنيف أمام حجرته في مقر إقامته في الكرملين، ويبقى واقفاً في انتظار خروجه. كان الأمر محرجاً، وبريجنيف مسن وبالكاد يستطيع المشي، وكان القذافي يقول انه آتٍ وآت، فيطول انتظار بريجنيف.
ما الذي ازعج بريجنيف ايضاً؟
- الروس أزعجهم هذا التصرف بحق زعيم البلاد. كان القذافي يسبّب هذه الإحراجات ويقصد من ورائها الإهانة. حتى خلال العشاء الرسمي، حين ألقى خطاباً، تناول الإسلام وأفغانستان وغير ذلك، ما أزعج الروس، أما رئيس ألبانيا أنور خوجة ففرح بالكلمة لأنها شتمت كل الرؤساء، وإذاعة تيران شكرت القذافي.
ما الذي قاله لهم عن افغانستان؟
- يجب أن تهتموا بالمسلمين والإسلام... وبعض الوعظ.
أخبرني عبد السلام التريكي أنه أوقف المحادثات وأدى الصلاة في الكرملين.
- هذا الأمر يكرره دائماً، وليس فقط في الكرملين. فعل الشيء ذاته في ليبيا، خلال مقابلات مع ضيوف غير مسلمين.
* غداً حلقة خامسة
الحلقة الثالثة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.