قال ناشطون وشهود إن قتالا عنيفا اندلع بين قوات الجيش السوري ومعارضين في أحياء عدة من دمشق أمس، بينها الحجر الأسود والتضامن والقرشي، مشيرين إلى أن هذه المعارك تعد الأعنف من نوعها التي تقع داخل دمشق. وافادت انباء بان طريق مطار دمشق الدولي قطع جراء هذه الاشتباكات. وجاء التصعيد في العاصمة فيما تواصل القصف المدفعي العنيف على مدن عدة من بينها حمص ودير الزور وإدلب، ما أدى إلى مقتل العشرات. وغادر مراقبو الأممالمتحدة مقر إقامتهم في دمشق مجدداً أمس ليستأنفوا مهمة المراقبة، وقال مراقب إنه ضمن فريق متجه إلى دوما في ريف دمشق. ونفت الخارجية السورية أمس حدوث «مجزرة» في قرية التريمسة في ريف حماة، فيما أكد المراقبون الدوليون استخدام المدفعية وقذائف الهاون في الهجوم الذي «استهدف على ما يبدو مجموعات ومنازل محددة، بشكل رئيسي للجنود المنشقين والناشطين»، بحسب تقرير أولي للمراقبين. ووسط استمرار دائرة العنف وتزايد الأحباط الداخلي والدولي، يتوجه المبعوث الأممي - العربي كوفي انان إلى روسيا اليوم لإجراء محادثات مع قيادتها على أمل اعطاء دفع ديبلوماسي لخطته المتعثرة، وإقناع موسكو بالضغط على النظام السوري من أجل وقف العنف، تمهيدا لبدء الحوار حول حل سياسي. وفي أعنف معارك داخل دمشق، خاض مقاتلو المعارضة قتالا ضاريا مع القوات الحكومية في بعض احياء جنوب العاصمة السورية. وقال الناشط سمير الشامي «إن القتال ما زال دائرا في حي التضامن الفقير بعد معارك متواصلة طوال الليل في حي الحجر الاسود». وأوضح لوكالة «رويترز» أن أصوات اطلاق النار تتردد بكثافة والدخان يتصاعد من المنطقة. واضاف ان هناك بالفعل عددا من الجرحى وان السكان يحاولون الفرار من المنطقة. وعرض الناشط لقطات حية للدخان يتصاعد فوق مباني الحي. وتابع ان عربات مدرعة تتوجه نحو جنوب الحي. ولفت المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إلى أن حي التضامن «يتعرض لقصف من قبل القوات النظامية»، مضيفا ان عددا من القذائف «سقطت على منطقة القرشي في دمشق». واشار إلى أن «أصوات اطلاق رصاص كثيف تسمع في حي التضامن والحجر الاسود، مترافقة مع سماع اصوات انفجارات وسط معلومات عن سقوط جرحى». كما شهدت دمشق ايضا، استهداف حافلة تقل عناصر من القوات النظامية بعبوة ناسفة على طريق المتحلق الجنوبي، قرب حي الزهور، ما ادى إلى العديد من الاصابات، بحسب المرصد السوري. وجاءت المعارك في دمشق فيما تواصلت عمليات القصف على حمص والرستن ودير الزور وإدلب وحلب ما أدى إلى مقتل 51 شخصا غالبيتهم من المدنيين. وأفاد المرصد السوري أن ما لا يقل عن 18 من القوات النظامية قتلوا خلال الاشتباكات مع المقاتلين المعارضين، هم ستة في سلقين وثلاثة في جسر الشغور بريف ادلب، وثلاثة في اعزاز بريف حلب، وخمسة في محافظة دير الزور، وثلاثة في محافظة درعا. كما أشار المرصد إلى سقوط 12 مقاتلا معارضا، بينهم أربعة من المنشقين قتلوا خلال اشتباكات مع القوات النظامية في دير الزور وادلب ودمشق. وفيما ما زال فريق مراقبي الأممالمتحدة يزورون قرية التريمسة للوقوف على ملابسات المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخصا بحسب مصادر المعارضة، نفى الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي، حدوث «مجزرة» في التريمسة، مشيرا في مؤتمر صحافي إلى أن هجمات الجيش كانت «عملية عسكرية واشتباك بين قوات الجيش ومجموعات إرهابية مسلحة لا تؤمن بالحوار والحل السياسي بل بالخطف والقتل والإرهاب». وأضاف ان «قوات الجيش لم تستخدم أي أسلحة ثقيلة خلال دخول القرية استجابةً لنداءات المواطنين، وإن الأضرار التي حلت بها أصابت خمسة مبان فقط استخدمتها المجموعات الإرهابية كمقرات لها ومستودعات لأسلحتها»، لافتاً إلى إن وزير الخارجية وليد المعلم تسلّم رسالة من انان حول ما جرى في التريمسة، و»أقل ما توصف به الرسالة أنها متسرعة إلى أبعد الحدود، ولم تستند الى حقائق ما جرى في القرية». وقال مقدسي إن من «قتل خلال العملية هم 37 مسلحاً و2 من المدنيين فقط». واتهم انان في هذه الرسالة الحكومة السورية «بالاستخفاف» بقرارات الاممالمتحدة، معتبرا أن «استخدام المدفعية والدبابات والمروحيات في (التريمسة) الذي اكدته بعثة الاممالمتحدة، يعد انتهاكا للالتزامات والتعهدات التي قطعتها الحكومة السورية بوقف استخدام الاسلحة الثقيلة» في المدن. وقالت بعثة المراقبين الدوليين إن الهجوم الذي شنه الجيش السوري على التريمسة «استهدف على ما يبدو مجموعات ومنازل محددة، بشكل رئيسي الجنود المنشقين والناشطين»، وذلك بعد زيارة قام بها المراقبون إلى القرية، التي ما زالوا فيها يجمعون شهادات حول ما حدث. وأوضحت الناطقة باسم البعثة سوسن غوشة في بيان اثر زيارة اولى قام بها فريق من المراقبين ليل أول من أمس: «كانت هناك برك من الدماء وبقع دماء في غرف العديد من المنازل إضافة إلى فوارغ رصاص»، مشيرة إلى أن «فريق الأممالمتحدة لاحظ أيضاً مدرسة محروقة ومنازل متضررة بينها خمس منازل بدت عليها علامات بأنها أحرقت من الداخل». وأكدت البعثة في بيانها أن «أسلحة متنوعة استخدمت في الهجوم بينها المدفعية وقذائف الهاون وأسلحة خفيفة»، مشددة على أن «عدد الضحايا لا يزال غير واضح». ودعت البعثة «الحكومة السورية إلى وقف استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية والأطراف إلى إلقاء السلاح واختيار طريق اللاعنف لما فيه مصلحة الشعب السوري الذي عانى الكفاية». وفي موسكو، أعلنت الرئاسة الروسية أن انان الذي سيصل اليوم إلى موسكو سيعقد محادثات مع لافروف وبوتين غدا. وأضاف الكرملين في بيان أمس «ينطلق الجانب الروسي من المبدأ القائل أن هذه الخطة هي الوسيلة الوحيدة القادرة على ايجاد حل للمشاكل الداخلية السورية». وكان انان زار الأسبوع الماضي سورية وإيران والعراق لبحث تطورات الأزمة. وأعلن في طهران انه يمكن أن يكون لإيران دور في حل الأزمة. وفي خطوة تشير إلى رغبة طهران في الدخول على خط جهود حل الأزمة ديبلوماسيا، أعلن وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي أمس أن بلاده، مستعدة لتنظيم حوار في طهران بين الحكومة السورية والمعارضة في محاولة لتسوية الازمة. من ناحيته، أعلن رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض عبد الباسط سيدا أن على الرئيس الاميركي باراك اوباما الا ينتظر احتمال انتخابه لولاية جديدة في تشرين الثاني (نوفمبر)، وان يتحرك فورا لوضع حد لاعمال العنف التي يذهب ضحيتها الاف الاشخاص في سورية. وأضاف في حديث لقناة «سي ان ان» الاميركية: «لا نفهم لماذا تتجاهل قوى عظمى سقوط عشرات الاف القتلى المدنيين السوريين بسبب انتخابات رئاسية يمكن للرئيس ان يفوز فيها او يخسرها».