أكثر من ألفي شخص قصدوا أول من امس قصر بيت الدين التاريخي ليسمعوا موسيقى اللبناني - الفرنسي غبريال يارد الذي عزف على البيانو مع اوركسترا بودابست السمفوني (92 عازفاً وعازفة بقيادة صديقه المؤلف الموسيقي الفلامنكي ايرك بروسي)، وتولى القيام بالطرف الآخر من الكونشيرتو، السوبرانو الفرنسية غاييل ميشالي وساكسوفون لويس موريسون وباندينون خوان جو هوساهيني. تقدم الحضور سياسيون وسفراء وفنانون ومتابعو موسيقى، وكانت المفاجأة حضور الممثلة جولييت بينوس، بطلة فيلم «المريض الإنكليزي» الذي وضع موسيقاه غبريال يارد ونالت جائزة أوسكار افضل موسيقى وكذلك جائزة غولدن غلوب... وبدأ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني بعزف متميز من الأوركسترا والبيانو. «أنا لبناني» قالها بالعربية، وتابع يارد بالفرنسية: ولدت هنا وعشت حتى الثامنة عشرة، وهنا تكوّنت ملكاتي كمؤلف موسيقى، وهذه ثمرة 42 سنة من الغياب». الى جانبي منصة الأوركسترا شاشتان ضخمتان، عرضت عليهما مقاطع صغيرة من الأفلام التي وضع يارد موسيقاها، وحين تنطفئ الشاشتان يكتمل مسار الموسيقى عبر الأوركسترا وعناصر الكونشيرتو. قال غبريال يارد: «يمكن ان تغمضوا عيونكم لدى سماع الموسيقى لتروا سينماكم الخاصة بكم». ومبعث قوله، ربما، ان يدفع التركيز على كونه واضع موسيقى تصويرية للأفلام، فقط، لا مؤلفاً موسيقياً. تضمن البرنامج مقاطع من باليه كلافيغو ومن موسيقى أفلام: «32.2 صباحاً»، «القمر في الجدول»، «العاشق» (المأخوذ عن رواية مارغريت دورا)، «سفر موفق»، «الجبل المجلد»، «المريض الإنكليزي»، «تاتي دانيال»، «الامتلاك»، «السفينة والطوفان»، «السيد ريبلاي الموهوب»، «اجنحة الشجاعة». غبريال يارد في بيت الدين، والأجواء رومانسية، ربما بسبب حالات الحب في الأفلام التي تصاحبها موسيقاه، وهي جذبت الحضور فتفاعلوا بالإنصات وبالتصفيق بين مقطع وآخر. ودائماً تحضر انسيابية مجموعة الكمان والوتريات محركة العواطف في الليل الطلق امام القصر التاريخي. وفي لحظات الخفوت كانت ضربات البيانو أشبه بنقاط ماء على صفحة ماء. غبريال يارد في وطنه الأول، موسيقياً كبيراً آتياً من بلاده الجديدة الأوروبية والأميركية، وكان صوت السوبرانو هديته الى جمهوره، هدية جانبية، ولكن، لا تُنسى.