عزز التحالف الوطني بقيادة رئيس الحكومة السابق في المجلس الانتقالي الليبي الدكتور محمود جبريل صدارته للمشهد السياسي في البلاد، بعدما حقق فوزاً ساحقاً في مزيد من الدوائر الانتخابية التي أُعلنت نتائجها رسمياً. ورغم أن هذا التحالف يبدو متجهاً إلى اكتساح قوائم كل الأحزاب الأخرى التي نافسته في انتخابات المؤتمر الوطني العام، إلا أن طريقة إجراء الانتخابات بنظامي القائمة الحزبية والفردية قد تحول في نهاية المطاف دون سيطرته على مقاليد الأمور في هذه الهيئة التأسيسية التي ستتولى تعيين الحكومة المقبلة. وبعدما أظهرت النتائج التي أُعلنت الإثنين والثلثاء أن التحالف الوطني حقق فوزاً ساحقاً في عدد من الدوائر الانتخابية الأساسية وتحديداً في طرابلس وزليتن في غرب البلاد، أكدت النتائج الجديدة التي أُعلنت ليل الثلثاء - الأربعاء أن تحالف جبريل حقق فوزاً كبيراً على الإسلاميين في شرق البلاد أيضاً بما في ذلك مدينة درنة التي توصف بأنها «معقل الجهاديين». غير أن حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، قال إن النتائج النهائية للانتخابات قد تعطيه هو السيطرة على المؤتمر الوطني العام. وشرح ذلك بأن الموالين له المرشحين على القوائم الفردية سيكونون هم الغالبية في المؤتمر الوطني الذي يضم 200 عضو منهم 80 للقوائم الحزبية و120 للأفراد المرشحين في شكل مستقل عن الأحزاب. وهكذا يبدو جلياً أن الطرف الذي سيدير المؤتمر الوطني المقبل سيكون الطرف الذي سينجح في استقطاب الشريحة الأوسع من المرشحين المستقلين. والظاهر أن سباقاً بدأ على أشده لاستقطاب هؤلاء إلى هذا الطرف السياسي أو ذاك. اذ نقلت وكالة «رويترز» عن أبو بكر عبدالقادر المرشح المستقل في منطقة الجبل الغربي إن حزب العدالة والبناء اتصل به وعرض عليه منصباً في الحزب لكنه رفض. وقال: «لم أقاتل في ثورة وأحمل الشهداء المخضبين بالدماء من خط الجبهة حتى يتولى الإسلاميون السلطة ويعزلونا عن العالم من جديد... الليبيون مستعدون لممارسة الديموقراطية ولا يستطيع أن يحققها إلا ليبراليون متعلمون لهم رؤية عالمية». وكانت النتائج الجديدة التي أُعلنت لانتخابات المؤتمر الوطني أظهرت أن التحالف الوطني بقيادة جبريل يتقدم حتى في المعاقل التي يُفترض أنها للإسلاميين في شرق ليبيا. وكانت النتيجة الأبرز في هذا الإطار فوز التحالف في دائرة طبرق والقبة ودرنة (5 مقاعد) بحصوله على 57 ألف صوت، في حين جاء حزب العدالة والبناء ثانياً ب 8300 صوت فقط. وحتى في دائرة سبها (5 مقاعد)، كبرى حواضر الجنوب الليبي، جاء التحالف الوطني في المرتبة الأولى ب 7500 صوت، بينما حل حزب «الإخوان» ثالثاً ب 2200 صوت. وفي دائرة الشاطئ وبراك (4 مقاعد) في الجنوب الليبي أيضاً، نال حزب «الإخوان» المرتبة الأولى بأكثر من ألفي صوت. لكن لم يكن للتحالف الوطني مرشحون هناك. وتأتي هذه النتائج لتعزز الاكتساح الذي يتجه التحالف الوطني إلى تحقيقه على قوائم الأحزاب. ففي طرابلس، حقق التحالف نتيجة ساحقة في دائرة جنزور (3 مقاعد، غرب العاصمة) بنيله 29 ألف صوت في حين جاء حزب «الإخوان» ثانياً بألفي صوت. وفي المايا والناصرية والعزيزية (3 مقاعد)، غرب طرابلس وجنوبها، نال التحالف الوطني أكثر من 47 ألف صوت في حين حل حزب الوطن بقيادة عبدالحكيم بلحاج ثانياً ب 2700 صوت. وفي دائرة مسلاتة وترهونة والخُمس الساحل (3 مقاعد)، حصل التحالف الوطني على 26.800 صوت، في حين جاء حزب «الإخوان» ثانياً بسبعة آلاف صوت. وفي زليتن (3 مقاعد)، حصل التحالف الوطني على 26 ألف صوت، في حين جاء «الإخوان» في المرتبة الثانية ب 7600 صوت. وفي مصراتة (4 مقاعد)، حل التحالف الوطني رابعاً ب 7800 صوت، بينما حل الاتحاد من أجل الوطن في المرتبة الأولى ب 24 ألف صوت يليه حزب العدالة والبناء ب 20 ألف صوت ثم حزب الجبهة الوطنية بأكثر من 13 ألف صوت.