أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن ليس هناك أدلة ثابتة حول وجود تنظيم «القاعدة» في بلدة عرسال البقاعية، وقال: «باتت كلمة القاعدة توصيفاً عاماً يطلق بمناسبة أو من دونها، والحديث عن وجود معلومات لا يعني أنها باتت حقيقة قائمة ولا يجوز التعاطي مع هذا الموضوع الحساس والدقيق على نحو يضر بلبنان، وبالتالي فإن الأجهزة الأمنية التي كلفت التدقيق في المعلومات ستحمل الى اللبنانيين الخبر اليقين». كلام الرئيس ميقاتي جاء بعد الجدل الذي أثاره إعلان وزير الدفاع الوطني فايز غصن عن وجود عناصر إرهابية تنتمي الى تنظيم «القاعدة» في عرسال، وركون السلطات السورية إليه في توجيه الاتهام لعناصر من التنظيم بشن هجومين انتحاريين على مركزين أمنيين سوريين في دمشق السبت الماضي، ما اضطر أطراف رئيسة في المعارضة اللبنانية الى الرد على غصن متهمة إياه بتوفير الذرائع لاستهداف عرسال. لكن السجال الذي خلفه تصريح غصن عن وجود عناصر من «القاعدة» في عرسال، حضر أمس بقوة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في العام الحالي التي عقدت برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والتي تقرر فيها دعوة المجلس الأعلى للدفاع لعقد اجتماع طارئ اليوم في بعبدا وعلى جدول أعماله تقويم للوضع الأمني والتدابير الواجب اتخاذها لضبط الحدود اللبنانية – السورية في ضوء مقتل ثلاثة لبنانيين في خراج بلدة المقيلبة في عكار في كمين متقدم للجيش السوري نصب كما أكد أحد نواب عكار المنتمين الى كتلة «المستقبل» النيابية، ل»الحياة»، على مقربة من البلدة. وأكدت مصادر وزارية ل»الحياة» أن الهم الأمني طغى على الجلسة، خصوصاً في أعقاب عودة مسلسل تفجير المطاعم في صور باستهداف مطعم «توروس». وقالت إن رئيس الجمهورية تمنى أن يكون منفصلاً عن الحادث الذي حصل قبل فترة قصيرة. ولفتت المصادر الى أن المجلس بحث في مقتل اللبنانيين الثلاثة في عكار على رغم عدم صدور أي بيان عن السلطات الرسمية اللبنانية لشرح الملابسات التي أدت الى مقتلهم. لكن مجلس الوزراء بحث الأمر سريعاً من دون نقاش ومرّ عليها مرور الكرام. ونقلت المصادر الوزارية عن سليمان أنه طلب من الجانب اللبناني في لجنة التنسيق الأمنية المشتركة الاتصال بالجانب السوري فيها لجلاء الحقيقة في هذا الموضوع. ولم تستبعد المصادر نفسها احتمال تشكيل لجنة تحقيق مشتركة لتبيان الظروف المحيطة بمقتلهم وتحديد المسؤولية، خصوصاً أن المناطق الحدودية متداخلة بين البلدين في ظل غياب أي ترسيم للحدود أو خطوط فاصلة معترف بها من قبل البلدين. وأكدت المصادر أن الوضع في منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني و»يونيفيل» في جنوب الليطاني استحوذ على اهتمام مجلس الوزراء لجهة ضرورة التشدد في حفظ الأمن ومنع المحاولات الرامية الى الإخلال بالاستقرار العام سواء من خلال استخدام الجنوب منصة لتوجيه الرسائل عبر إطلاق الصواريخ في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة أم عبر تجدد حوادث التفجير لعدد من المطاعم والملاهي في مدينة صور. وأشارت الى أن مجلس الدفاع الأعلى سيتخذ إجراءات لتفعيل التعاون في منطقة جنوب الليطاني، خصوصاً مع الاستعدادات الجارية لاستقبال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيروت في النصف الأول من الشهر المقبل. أما في شأن السجال حول وجود عناصر من «القاعدة» في عرسال، فقالت المصادر إن الوزير غصن أكد في الجلسة أنه لم يتهم أحداً من عرسال بالانتماء الى «القاعدة»، إنما قال إن هناك عناصر إرهابية تنتمي الى هذا التنظيم تمر عبر المعابر غير الشرعية في المناطق الحدودية بين لبنان وسورية ومنها عرسال. ونقلت عن غصن قوله: «أنا أخذت المعلومات من مؤسسات أمنية رسمية ولم أعرضها على الطاولة بالتفصيل حرصاً على الوضع الأمني والاستقرار العام». وأيد عدد من الوزراء موقف غصن، وقال وزير الزراعة حسين الحاج حسن أن «هذه الحكومة أنتجت رغم الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان والهجوم الذي يتعرض له وزير الدفاع». وتحدث وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي وقال، بحسب المصادر، إن «من غير الجائز أن تصور مواقف متناقضة عن الوزراء في مسألة استراتيجية، وسمعنا كلاماً من وزير الدفاع وآخر من وزير الداخلية ومن ثم من رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وكان يفترض أن لا يكون هناك أي تناقض، وإذا كانت هناك معلومات فلتطرح على طاولة مجلس الوزراء ويصار الى تقاطعها مع الأجهزة الأمنية الأخرى ليكون في وسعنا أن نتعاطى معها على محمل الجد وأن يتحمل كل منا مسؤوليته». ورأى العريضي أن «كل هذا التناقض يسيء الى هيبة الدولة ويتيح للجميع أن يتناولها ونحن لا نستطيع أن نكمل بهذه الطريقة لأننا في دولة وعندما تقع الحكومة في مثل هذه المطبات تضيع الحقائق والحقوق». واستذكر العريضي، وفق المصدر، ما حصل في السابق عندما اتهم أشخاص ومعهم جهات سياسية بتهريب السلاح من مرفأ «سوليدير» وجاءت التحقيقات خلافاً لكل الاتهامات وتم الإفراج عن الموقوفين وتبين من خلال اجتماع مجلس الدفاع الأعلى أن لا تهريب للسلاح من لبنان الى سورية. وسأل العريضي: «من المسؤول عن تسريب معلومات خاطئة؟ وهل هذا يضر بهيبة الدولة أم لا؟». وطلب رئيس الجمهورية عقد جلسة لمجلس الدفاع الأعلى للخروج بموقف واحد، خصوصاً أن وزراء من «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» طالبوا بموقف مؤيد لوزير الدفاع. واستنكر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة عدم اتخاذ «مجلس الوزراء أية إجراءات في شأن مقتل الشهداء الابرار» في وادي خالد، معتبراً «الحديث الرسمي لا يزال في إطار تقصي الحقائق»، وطالب «السلطات الرسمية بأجوبة سريعة وفورية عن أسباب تخطي قوات سورية الحدود الشمالية للبنان وإطلاق النار واغتيال مواطنين لبنانيين ضمن الأراضي اللبنانية منتهكة السيادة اللبنانية».