توصل قسم المباحث العلمية الجنائية التابع لوحدة الشرطة القضائية في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي اللبناني الى انجاز رسم تقريبي للجاني الذي كان يحاول وضع العبوة في محاولة لاغتيال النائب بطرس حرب أول من أمس، وذلك بعد الإستماع الى إفادات عدد من الشهود بينهم الضابط الطبيب المتقاعد في المبنى الذي شاهده قبل أن يصعد الى الطبقة الثامنة لتحضير العبوة، فضلاً عن ناطور البناية الذي حاول احتجازه لبعض الوقت قبل فراره. وعممت الصورة على مختلف قطاعات قوى الأمن والقوى الأمنية للبحث عنه وتوقيفه. وكان النائب حرب أمهل أمس، الجهات القضائية والأمنية 48 ساعة للكشف عن ملابسات محاولة اغتياله، على ان يعقد مؤتمراً صحافياً الاثنين المقبل. كما باشرت المباحث العلمية الجنائية فحص عيَّنات أُخذت من على سطح المصعد والحقيبة التي تركها الشخص الذي فرّ بسيارة «بي.أم.أكس5.» مع شخص كان ادعى انه من مخابرات الجيش. ويتوقع ان تصدر نتائج فحص العينات بداية الاسبوع المقبل، لتتم مقارنتها بفحوص الحمض النووي موضوعة في محفظة القسم المذكور للاستفادة منها في تحديد هوية الجاني. داتا الاتصالات وشكلت «داتا الاتصالات» لاستكمال التحقيقات محور مطالبة النائب حرب وزير الاتصالات نقولا الصحناوي بتسليمها الى المعنيين «كاملة من دون فحوى الاتصالات»، ونبّه حرب في تصريح الى انه «اذا لم تتجاوب الوزارة فلا يمكن السكوت عن ذلك، لأن جميع اللبنانيين معنيون». ولاحقاً، تلقى حرب اتصالاً من صحناوي أكد له انه «سيتم تسليم الداتا لكل لبنان وليس فقط لمنطقة بدارو»، وأشار الى انه «كان يتم الاتصال بالشخص غير المناسب في الوزارة بخصوص الداتا». وعلمت «الحياة» ان «الداتا» التي سلمت ينقصها ما يتعلق بمعرفة صاحب شريحة الهاتف. وكان حرب زار أمس، رئيس الجمهورية ميشال سليمان واطلعه على ما توافر لديه من معلومات وتفاصيل عن محاولة الاغتيال، مشدداً على أهمية متابعة الموضوع حرصاً على الاستقرار الامني في البلاد. واستنكر سليمان «العودة الى مثل هذه الاساليب التي لا تؤدي الا الى زعزعة الاستقرار الامني في البلاد». وهنأ حرب على نجاته، وأكد، بحسب البيان الصادر عن المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري ان «السلطات الامنية والقضائية لديها التعليمات الصارمة بالعمل على كشف ملابسات هذه القضية لكشف الفاعلين والمحرضين وإحالتهم الى القضاء». واطلع سليمان على المعطيات المتوافرة عن الحادث من المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي الذي اكد له تكثيف الاجهزة الامنية تحرياتها وتحقيقاتها لكشف الفاعلين والمحرضين وإحالتهم الى القضاء المختص. واستقبل حرب في منزله في الحازمية، المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر اللذين أطلعاه على ما آلت اليه التحقيقات في شأن محاولة اغتياله. ودام الاجتماع نحو 20 دقيقة، ولم يدليا بأي تصريح. وقال حرب لاحقاً في تصريح أنه تأكد له ان «البحث جار لدى الشرطة القضائية والأدلة الجنائية لتحديد هوية من قام بالإعتداء، وفي الوقت نفسه جرى إطلاعي على بعض المعلومات التي يمكن أن تساعد، وأعطيتهم كل ما لدي، إضافة الى انهم أكدوا ضرورة الإستحصال على «داتا» المعلومات وداتا الإتصالات، لأنها تساعدهم على اكتشاف أدلة، وأمس اتصل بي وزير الإتصالات ولفته الى أن التحقيقات لا يمكن أن تعطي نتيجة إلا إذا كانت هناك داتا للاتصالات، وأبلغني انه على استعداد لاعطائها». واضاف حرب: «واليوم، من خلال البحث مع المدعي العام التمييزي، تبين أن الخلاف بين الوزارة والنيابة العامة، فالنيابة العامة تطلب داتا المعلومات للبنان، وألا تكون الإتصالات محصورة بمنطقة الحادث، وحتى الآن لم تعط الوزارة شيئاً، وأنا في انتظار أن تتجاوب، فإذا أعطت يكون هذا جيداً، وإذا لم تعط لا يمكن السكوت عن الأمر، لأن القضية لست معنياً بها أنا مباشرة، بل جميع اللبنانيين، لأن حال الإنفلات في لبنان هي حال تضارب صلاحيات وآراء ووجهات نظر بين الإدارات المختصة المعنية بتأمين الأمن للبنانيين. وأدعو وزير الإتصالات الى إعطاء داتا المعلومات كاملة للأجهزة الأمنية». وعن التحقيقات، قال: «لا يزال مبكراً التحدث عن الجناة، فالوضع والانفلات الامني تتطلب التعاطي بشكل هادىء». وكانت الامانة العامة لقوى 14 آذار عقدت جلسة تشاور في شأن المستجدات الامنية، حضرها عدد من النواب، ثم زار النائبان انطوان السعد وفؤاد السعد وزير الداخلية مروان شربل وبحثا معه في سبل توفير الحماية والحراسات للنواب. مستنكرون وتوافد المزيد من الشخصيات من وزراء ونواب وفاعليات الى منزل حرب، مستنكرة ومتضامنة، وتلقى اتصالات مماثلة ابرزها من: الأمير طلال بن عبدالعزيز، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس. واتصل عضو «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي غسان مخيبر بحرب مهنئاً بنجاته ومستنكراً محاولة الإغتيال، وأمل ب «أن تصل التحقيقات، بكل الوسائل الجادة، الى كشف الجهة الفاعلة والمخططة ومحاكمتها سريعاً، لأنه بات من الضروري للبنان الخروج من تجارب طويلة في الإفلات من العقاب وتأكيد حاجة الجميع الى وقف التهديدات والإغتيالات عبر كشف الحقيقة والوصول الى العدالة والعقاب». ووصفت النائب بهية الحريري التي اتصلت بحرب مهنئة بنجاته، الحادث «بالأمر الخطير جداً وبأن محاولة الاغتيال استهدفت شخصية سياسية وطنية مشهود لها في حب لبنان والدفاع عن سيادته واستقلاله وعن ميثاقه الوطني». ورأت «ان لبنان لا يزال في دائرة الاستهداف ما يتطلب من الجميع التعاطي بأعلى درجات المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة». واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية عاطف مجدلاني «الأجهزة الأمنية بأنها عمياء نتيجة حجب داتا الاتصالات عنها من قبل قوى مكونة للحكومة تتمثل ب»حزب الله» و«التيار الوطني الحر». ورفض «مبدأ الأمن الذاتي وإن مع أخذ الحيطة». واستنكر رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» اسامة سعد «المحاولة الآثمة»، معتبراً أن «الغاية منها ضرب الاستقرار في لبنان». ودعا «الحكومة والأجهزة الأمنية إلى التصدي بحزم لمن يعبث بأمن البلاد». ودان المجلس الأعلى ل«حزب الوطنيين الأحرار» في بيان محاولة الاغتيال «التي تعرض لها البرلماني العريق ورجل القانون والحوار الصديق»، مشدداً على تسليم «داتا المعلومات». وسأل حزب «الكتلة الوطنية»: «من يستطيع ان يدخل الى مبنى في قلب بيروت ويزرع عبوة ناسفة وعلى رغم إنكشاف الأمر يؤمن تغطية شاملة لهروب المنفذين؟ ومن لديه قواعد قريبة من المبنى المستهدف يستطيع أن يلجأ اليها المنفذون؟». واعتبرت «نقابة المحامين» في بيروت، في بيان ان «الهدف ليس النيل من النائب حرب فحسب، بقدر ما هو النيل من الإستقرار الأمني المهتز، الى درجة الفلتان يطاول الإعتدال والإنفتاح السياسي والوطني».