أحبطت الصدفة صباح أمس محاولة جدية لاغتيال النائب بطرس حرب، أحد أقطاب قوى 14 آذار، عبر تفخيخ مصعد المبنى الذي يقع فيه مكتب المحاماة الخاص به في أحد الأحياء الواقعة على طرف العاصمة بيروت، وتمكن الجناة من الهرب عند اكتشاف أمرهم، وافلت أحد المشاركين في تجهيز العبوة الناسفة بعد أن أمسك به أحد الأطباء، لأن شركاءه استطاعوا انتشاله منهم مدعين أنهم من مخابرات الجيش. وطغى الحادث على الوضع السياسي المضطرب في لبنان، لا سيما في شأن الانقسام السياسي والطائفي جراء الخلاف على قانون تثبيت مياومي الكهرباء، فتراجع البحث فيه ليقفز الى الواجهة مجدداً موضوع الاغتيالات، لا سيما أن استهداف حرب جاء بعد محاولة اغتيال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قبل أسابيع، وبعد تلقي قيادات عدة، أبرزها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة تحذيرات من جهات دولية وإقليمية من أنه على لائحة من مجموعة أشخاص هناك تحضيرات لاغتيالهم. وكُشفت محاولة الاغتيال، زهاء العاشرة صباحاً في المبنى الذي يقع فيه مكتب المحاماة الذي يديره النائب حرب في شارع سامي الصلح في منطقة بدارو. وتحدثت الروايات التي تجمعت عن أن طبيباً يشغل الطبقتين الخامسة والسادسة في المبنى، شعر بوجود حركة في مدخل الطبقة السادسة فخرج ليجد شخصين سألهما عما يفعلانه فادعيا أنهما يعملان على تركيب خط للإنترنت في المبنى. وعندما سألهما عن هوية الشخص الذي طلب منهما ذلك ارتبكا، فطلب منهما مغادرة المبنى ففعلا ثم عادا، فاكتشف أمرهما مجدداً ثم غادرا ثانية، إلا أنه أراد التأكد من خروجهما من المبنى فاستقل المصعد من الطبقة السادسة الى الأرضية وأثناء ذلك سمع حركة على ظهر المصعد، وعند توقفه في الطبقة الأولى طلب من ناطور المبنى إحضار المفتاح الخاص بالمصعد ليكتشفا أن شخصاً آخر موجود على سطح المصعد، فأنزلاه وتعاركا معه وتكمنا من الإمساك به وطلبا من شبان آخرين مساعدتهما على إلقاء القبض عليه بعد أن حاول الهرب، إلا أن سيارة رباعية الدفع من نوع «ب م ف» وصلت فجأة وبسرعة فائقة نزل منها شخص شهر مسدساً على الموقوف طالباً منه الصعود الى السيارة وادعى أنه من المخابرات، موحياً أنه أراد اقتياده للتحقيق، خصوصاً أن سكان المبنى كانوا اتصلوا بالأجهزة الأمنية. لكن سرعان ما تبين أن رفيقاً آخر للشخص المشتبه به «أنقذه» واتجه به الى منطقة صوب مستديرة الطيونة. وتبيّن أن سيارة أخرى رباعية الدفع حضرت بعد ثوان وعادت أدراجها بعد تأكدها من تمكن السيارة الأولى من إخراج المشتبه به من المبنى الذي وقع فيه الحادث. وبعد حضور الأجهزة الأمنية الى المبنى وكشفها عليه تبيّن أن الأشخاص الثلاثة الذين كانوا في المبنى واكتشف أمرهم المسؤول في المختبر الطبي كانوا يجهزون عبوة ناسفة في المصعد وأنه جرى تركيب صاعقين لها في باب المصعد وأن الشخص الذي كان على سطح المصعد كان يكمل تجهيز العبوة. وقال مصدر أمني رفيع إنها محاولة «جدية جداً» لاغتيال النائب حرب، الذي أوضح أنه كان ينوي التوجه أمس الى مكتب المحاماة في الطبقة الثالثة من المبنى. وذكر المصدر أن «تجهيز العبوة كان يتم بتقنية عالية جداً»، مرجحاً أن يكون الهدف تفجيرها لاسلكياً حين يستقل حرب المصعد. ولم يستبعد أن يكون الفريق الذي عمل على تجهيز العبوة (3 أشخاص) مدعوماً من فريق مراقبة، هو الذي أنقذ من كان على سطح المصعد عند اكتشاف أمره وحجزه، وأن يكون هناك فريق آخر سيتولى تنفيذ العملية. وأحال القضاء التحقيق بالعملية على فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. وتفقد المدير العام لقوى الأمن اللواء أشرف ريفي مسرح المحاولة للإطلاع على التحقيقات الأولية التي ما زال بعض تفاصيلها قيد المتابعة. واتصل كبار المسؤولين والقادة السياسيين، لا سيما في قوى 14 آذار بحرب الذي غص منزله بالمهنئين بالسلامة. وقال حرب إنها «ليست رسالة وعملية خطف بل هي محاولة اغتيال مرت بسلام». واتهم نواب من قوى 14 آذار «أسياد المسلسل الأول للاغتيالات» بأنهم «يسعون مجدداً لتنفيذ الاغتيالات وهم عند النظام المتهاوي في دمشق». ورأى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن «الجهة المنفذة متمكنة وتملك القدرة على التحرك والتنفيذ والإفلات معاً». واتصل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشرق الأوسط جيفري فيلتمان، بحرب وأصدرت السفارة الأميركية في بيروت بياناً دانت فيه «ما يبدو أنه محاولة اغتيال» حرب ودعت الحكومة اللبنانية الى التعامل مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بما في ذلك القبض على الذين وردت أسماؤهم في القرار الظني «باغتيال الرئيس رفيق الحريري. كما دعت حكومة لبنان الى إجراء تحقيق في شكل دقيق في الحادث» الذي تعرض له حرب. وصدر عن قوى 14 آذار إثر اجتماعها في منزل حرب مساء بيان حمّل الحكومة مسؤولية محاولات الاغتيال التي تستهدف قيادات 14 آذار ودعاها الى الاستقالة الفورية، متهماً إياها بالتواطؤ. وقال النائب السابق فارس سعيد: «ترفض قوى 14 آذار نظرية استحالة تشكيل حكومة جديدة لما يتضمن هذا الموضوع من ابتزاز وتهديد لكل اللبنانيين». وطالب بإحالة «جريمتي محاولتي اغتيال سمير جعجع وحرب على المحكمة الدولية باعتبارهما متلازمتين مع جرائم الاغتيال ومحاولات الاغتيال التي استهدفت قادة 14 آذار». كما طالب الحكومة بالتسليم الفوري لداتا الاتصالات الى الأجهزة الأمنية والقضائية، محملاً الحكومة عموماً و «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» تحديداً مسؤولية حجب هذه «الداتا» باعتبارهما «واضعي اليد عليها». من جهة ثانية، شهدت منطقة عكار تجمعاً على الطرقات احتجاجاً على قرار القضاء العسكري إخلاء سبيل ثلاثة ضباط و8 عسكريين من الذين أوقفوا للتحقيق معهم في مقتل الشيخين أحمد عبدالواحد وحسين مرعب على حاجز للجيش قبل أكثر من خمسة اسابيع.