تشهد ليبيا غدا انتخابات تشريعية، هي أول استحقاق ديموقراطي بعد ديكتاتورية استمرت 42 عاما، وسط مخاوف من عدم قدرة الحكومة الانتقالية على ضمان أمن الاقتراع الذي سيشكل اختباراً إضافياً للتقدم الكبير الذي حققه الإسلاميون في شمال أفريقيا، خصوصاً في بلدان «الربيع العربي». ودعا الناطق باسم الحكومة الانتقالية ناصر المانع «كل الليبيين، رجالاً ونساء إلى المشاركة في هذه الانتخابات وحمايتها والافتخار بها لأنها تشكل مرحلة نحو الاستقرار والتنمية». وأعلنت السلطات أنها أعدت خطة أمنية لنشر أربعين ألف عنصر في أجهزة الامن يدعمهم 13 ألفاً من الجيش الجاري تأسيسه. وأكد قائد الجيش يوسف المنقوش أن قواته كلفت نقل بطاقات الاقتراع وستقوم بدوريات لمراقبة السواحل والاجواء الليبية، فيما أوضح رئيس لجنة امن الانتخابات نائب وزير الداخلية عمر الخضراوي أن قوات الامن «في حال استنفار قصوى»، مشيرا الى استحداث مركز قيادة في طرابلس. ويتوقع أن تتوتر الأجواء، خصوصاً في شرق البلاد حيث يطالب أنصار النظام الفيديرالي بمزيد من المقاعد في المجلس التأسيسي الذي سينتخب اليوم ويبلغ عدد أعضائه 200 سيشكلون لجنة تأسيسية لكتابة دستور، كما سيعينون حكومة. ودعا أنصار الفيديرالية إلى مقاطعة الانتخابات وهددوا بعرقلة سير الاقتراع. وحذرت «مجموعة الأزمات الدولية» من خطر محدق بالاقتراع يتمثل في وجود «متظاهرين مسلحين يهددون بتعطيل الانتخابات، خصوصاً في الجزء الشرقي من البلاد». وتتفاوض الحكومة منذ ايام مع قادة مجموعة من دعاة الفيديرالية في الشرق يعطلون حركة السير في طريق استراتيجية تربط شرق البلاد بغربها، بعد أيام من تخريب مسلحين مكاتب المفوضية الانتخابية العليا في بنغازي، معقل الثورة، حيث أضرموا النار في وثائق وأجهزة الكترونية. ويطالب المحتجون ب «تقاسم عادل» لمقاعد المجلس التأسيسي بين الغرب والشرق والجنوب في حين قررت السلطات فعلاً، على أساس نسبة عدد السكان، تخصيص مئة مقعد للغرب وستين للشرق وأربعين للجنوب. وفي تلك المنطقة، تعرب بعض المجموعات الإسلامية، التي تعتبرها السلطات أقلية، عن معارضتها الاقتراع لأنها تدعو الى أن يكون القرآن دستور البلاد. واستهدفت هجمات مقرات بعثات غربية ومكاتب الصليب الاحمر، خصوصاً في الشرق، وتبنت بعضها مجموعة إسلامية غير معروفة، لكن من دون سقوط ضحايا. وأعلنت وزارة الداخلية أخيراً أنها تلقت تقارير من أجهزة الأمن عن مخططات لأنصار النظام السابق تهدف إلى تعطيل سير الاقتراع. وتثير القلق المواجهات الدامية التي تقع باستمرار بين مجموعات وميليشيات مسلحة، بعضها من الثوار الذين قاتلوا ضد نظام معمر القذافي، خصوصا في جنوب البلاد وغربها. وحذرت منظمة «العفو الدولية» أمس من أنه «لا توجد اي سيطرة حقيقية على تلك المجموعات المسلحة التي غالباً ما تتناحر بين بعضها البعض وقد تخرب العملية الانتقالية التي هي اصلا متداعية». واستبق المجلس الوطني الانتقالي انتخابات المؤتمر التأسيسي بدعوة أعضائه إلى اعتماد الشريعة الإسلامية «المصدر الرئيسي للتشريع». وقال الناطق باسم المجلس صالح درهوب: «نذكر بأن الشعب الليبي يتمسك بالإسلام عقيدة وتشريعاً... ويوصي المجلس المؤتمر بأن تكون الشريعة المصدر الرئيس للتشريع وليست قابلة للاستفتاء». ومن المتوقع فوز ثلاث مجموعات بارزة بعدد كبير من المقاعد. والجماعة الأكثر تنظيما هي «حزب العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة «الاخوان المسلمين»، بقيادة السجين السياسي السابق محمد صوان. ومن الأحزاب الجديدة لكن لها ظهور قوي «حزب الوطن» الذي يتزعمه الإسلامي عبدالحكيم بلحاج. كما أن «تحالف القوى الوطنية» برئاسة محمود جبريل له شعبية، خصوصاً بين الليبيين الأكثر علمانية والتجار الذين أعجبوا بأدائه عندما كان رئيساً للوزراء في المجلس الوطني الانتقالي وبسبب سياساته الاقتصادية.