تنتخب ليبيا بعد غد السبت 200 عضو للمؤتمر الوطني العام الذي سيكون بمثابة هيئة تأسيسية ستتولى اختيار الحكومة المقبلة وهيئة ستوكل إليها مهمة صوغ دستور للبلاد يُعرض على استفتاء شعبي. وستُحدد هذه الانتخابات التي بدأ الليببيون في الخارج الادلاء باصواتهم فيها، وهي الأولى منذ أكثر من أربعة عقود من ديكتاتورية العقيد معمر القذافي، ما إذا كانت ليبيا ستسير على خطى جارتيها مصر وتونس وتنتخب نظاماً إسلامياً، أم أنها ستشذ عن «موجة الربيع الإسلامي» كما فعلت جارتها الجزائر في انتخاباتها الأخيرة. وتتنافس عشرات الكيانات السياسية في الانتخابات الليبية التي ستُجرى ليوم واحد فقط (السبت)، لكن أياً منها لن يتمكن لوحده من السيطرة على البرلمان المقبل كون حصة الأحزاب السياسية محدد ب 80 مقعداً فقط من أصل 200، في حين تذهب المقاعد ال 120 الأخرى لمستقلين. وتبدو كيانات سياسية مختلفة مرشحة لنيل حصة في البرلمان المقبل، على رغم أن التنافس يبدو شديداً بين الإسلاميين من جهة والوطنيين والليبيراليين من جهة ثانية. ومن بين الأحزاب الأساسية المتنافسة حزب العدالة والبناء بزعامة محمد صوان، والذي يُعتبر الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، وأيضاً حزب الوطن الذي يتزعمه الرئيس السابق للمجلس العسكري في طرابلس عبدالحكيم بلحاج. والأخير كان يقود جماعة جهادية تُدعى «الجماعة الإسلامية المقاتلة»، لكن أنصارها يبدون منقسمين حالياً بين حزب الوطن وحزب الأمة الوسط الذي أسسه قيادي آخر في «المقاتلة» هو سامي الساعدي. وفي مقابل الإسلاميين، يبرز في المنافسة تيارات من الوطنيين والليبراليين، مثل تحالف القوى الوطنية بقيادة رئيس الوزراء السابق في المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل، والذي يبدو أنه يراهن على دعم شريحة واسعة في غرب البلاد حيث الثقل السكاني. كذلك يبرز في المنافسة حزب الجبهة الوطنية الذي يمثّل «الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا» أكبر فصيل ليبي معارض للقذافي في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. ويشكّل الأمن هاجساً للسلطات الليبية التي حشدت آلاف الجنود وأفراد كتائب الثوار السابقين لضمان عدم حصول إشكالات خلال عملية إدلاء ما يصل إلى 2.7 مليون ناخب بأصواتهم يوم السبت. وتتركز المخاوف في بلدتي سرت وبني وليد شرق طرابلسوجنوبها واللتين بقيتا مواليتين للنظام السابق حتى سقوطه نهائياً في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. كما أدت المخاوف الأمنية في بلدة الكفرة في جنوب شرقي ليبيا إلى قرار بتأجيل الاقتراع خشية تجدد الاشتباكات بين القبائل العربية وقبائل التبو الافريقية. لكن المخاوف الأكبر تبدو منصبة على الشرق الليبي حيث يحاول مؤيدو الفيديرالية عرقلة عملية الاقتراع من خلال حض الناخبين على المقاطعة أو حتى اقتحام مراكز التصويت واتلاف أوراق الاقتراع. ويشكو ناشطون من الشرق الليبي الذي يحوي ثلثي الثروة النفطية للبلاد، من أنهم مهمشون في الانتخابات المقبلة التي تمنح غرب ليبيا حصة أكبر بكثير من حصة الشرق. وسُجّل في هذا الإطار تحركات عاجلة في الساعات الماضية ل «إرضاء» الشرق من خلال زيادة حصته في المؤتمر الوطني العام وبالتالي تجنّب لجوئه إلى المقاطعة، وهو خيار يُهدد بالقاء ظلال من الشك حول مدى تمثيل الانتخابات للتطلعات الحقيقية للشعب الليبي. وذكرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أنه وصل إلى مدينة بنغازي، عاصمة الشرق، وفد شعبي من مدينة الزاوية، غرب طرابلس، حاملاً معه «تنازل المدينة عن مقاعدها في المؤتمر الوطني العام لصالح المنطقة الشرقية». كما وصل إلى بنغازي وفد مماثل من أهالي مدينة الأصابعة، في الجبل الغربي، للتنازل عن المقعد المخصص لهم في المؤتمر الوطني العام. كذلك أعلنت مدينة غريان، في غرب ليبيا، تنازلها عن مقعدها لمصلحة الشرق. ومعلوم أن تظاهرات خرجت في الزاوية وغريان مساء الثلثاء «رفضاً للفيديرالية وتقسيم ليبيا». ... بلد غني بالنفط لكن من دون جيش حقيقي تنتخب ليبيا، البلد الغني بالنفط، السبت مجلسها التأسيسي في أول اقتراع وطني منذ سقوط معمر القذافي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بعدما حكم البلاد طيلة 42 سنة. - المساحة: تبلغ مساحة ليبيا مليوناً و779 ألفاً و540 كيلومتراً مربعاً تغطي الصحراء 93 في المئة منها. - السكان: يقدر عدد السكان بستة ملايين ونصف نسمة (البنك الدولي 2010). وقبل ثورة شباط (فبراير) 2011، كانت البلاد تضم مليوناً ونصف المليون من المهاجرين خصوصاً من الأفارقة، أي ما يقارب 20 في المئة من إجمالي تعداد سكانها. - العاصمة: طرابلس. وبنغازي هي ثاني مدن البلاد وتقع على بعد ألف كيلومتر شرق طرابلس. -الديانة: الإسلام (97 في المئة). وتطبق ليبيا قوانين مستوحاة من الشريعة الإسلامية. - الاقتصاد: ليبيا عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وأحد أكبر منتجي النفط في أفريقيا. كانت تنتج قبل الحرب الأهلية 1.6 مليون برميل يومياً ما يمثّل اكثر من 95 في المئة من إجمالي صادرات البلاد و75 في المئة من موازنة الدولة. ويتوقع أن يبلغ الإنتاج 1.35 مليون برميل في اليوم في 2012 بحسب صندوق النقد الدولي. وتقدر احتياطات ليبيا من النفط ب 44 بليون برميل و1.5 بليون متر مكعب من الغاز. وتستورد البلاد نحو 90 في المئة من احتياجاتها من المواد الغذائية والتجهيزات. - القوات المسلحة: ما زال الجيش في طور إعادة البناء، وكان يقدر عديده في ظل حكم معمر القذافي بنحو 76 ألف رجل، منهم 50 ألفاً في سلاح البر، وعدد المتطوعين في القوات الشعبية (الاحتياطي) بحوالى 40 ألفاً، وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن (2010). وبعد سقوط نظام القذافي تلقى السلطات الجديدة صعوبة في بناء جيش جديد في حين حصلت ميليشيات المتمردين السابقين على أسلحة من ترسانة القذافي وما زالت تفرض القانون.