أصبح عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات في مدينة منوبة (شمال غربي العاصمة التونسية) حبيب القزدغلي المتهم بصفع طالبة منقبة، مهدداً بالسجن خمس سنوات مع النفاذ بعد أن طلب المدعي العام في محكمة منوبة الابتدائية أمس محاكمته بموجب مادة من القانون الجنائي. ومثل القزدغلي أمس أمام المحكمة التي قررت إرجاء النظر في قضيته إلى 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2012 إثر طلب المدعي العام محاكمته بموجب الفصل 101 الذي ينص على أنه «يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية (غرامة) قدرها 120 ديناراً (60 يورو) الموظف العمومي الذي يرتكب الاعتداء بالعنف من دون موجب على الناس في حال مباشرته لوظيفته». وقال محامون إنه كان من المفروض محاكمة العميد وفق الفصل 319 من القانون الجنائي بتهمة «الاعتداء بالعنف الخفيف» على طالبة منقبة وهي تهمة تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 15 يوماً مع النفاذ. وفي 6 آذار (مارس) 2012 اقتحمت طالبتان منقبتان مكتب القزدغلي من دون إذن وبعثرتا أثاث مكتبه وحاولتا إتلاف وثائقه، حسب رواية عميد الكلية الذي قال إن إحدى الطالبتين وتدعى إيمان بروحة أقامت ضده دعوى قضائية زعمت فيها أنه صفعها. وطالب العميد بتطبيق الفصل 9 من «قانون الوظيفة العمومية» الذي ينص على تكفل الدولة بحماية الموظفين الذين يتعرضون إلى اعتداءات أثناء مباشرتهم لوظائفهم وعلى تتبع المعتدين قضائياً. وكانت الطالبة بروحة أحيلت في 2 آذار (مارس) الماضي على مجلس تأديب الكلية الذي عاقبها بالرفد من الدراسة 6 أشهر لرفضها الامتثال لقرار المجلس العلمي القاضي بعدم السماح بارتداء النقاب داخل قاعة الدرس. ووصف العميد الدعوى القضائية المرفوعة ضده بأنها «حلقة جديدة» من صراع بدأ في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 بين السلفيين وإدارة الكلية التي تحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدروس. واعتبر أن القضية تستهدف «الجامعة والحداثة والمعرفة» وإن من يقف وراءها «يدافع عن مشروع مجتمعي آخر... مشروع الفصل بين الذكور والإناث في الجامعة». وأضاف أن «هذا المشروع ليس مشروع حداثة لأن الجامعة هي جسرنا نحو العالم والرقي». وفي 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، اعتصم طلاب سلفيون داخل كلية منوبة للمطالبة بالسماح للطالبات بدخول قاعات الدروس بالنقاب. وعطل الاعتصام الذي استمر ثلاثة اشهر وتخللته اعتداءات على موظفي الكلية الدروس في اكثر من مناسبة. وأعلنت المحكمة الإدارية التونسية في وقت سابق أن قوانين البلاد تنص على انه «لا حق لأحد في الانتفاع بالخدمات التي يسديها المرفق العمومي بمقاره المفتوحة للعموم وهو مغطى الوجه». وكلفت «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» المحامي محمد الهادي العبيدي بالدفاع عن عميد كلية منوبة. ولم يستبعد المحامي أن يكون وزير الداخلية علي العريض ووزير العدل نور الدين البحيري، العضوان في «حركة النهضة» الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم، وراء هذه القضية «المفتعلة». وقال إنها «قصة مفتعلة لأن العميد يرفض الانخراط في نموذج مجتمعي مخالف للحداثة». واحتشد أمس أمام محكمة منوبة الابتدائية نحو 200 شخص للتضامن مع القزدغلي. يذكر أن منصف بن سالم وزير التعليم العالي أعلن في وقت سابق أن عدد الطالبات المنقبات في الجامعات التونسية لا يتعدى 90 طالبة. ويؤم جامعات تونس نحو 450 ألف طالب بينهم نحو 280 ألفاً من الفتيات.