في مساء يوم حار يتجمع نحو 30 شخصاً حول مطبخ نصب في حديقة عامة في مدريد يقدم أطباقاً من الخضر المشوية والسلطات المتنوعة التي حضّرت كلها من مكونات عثر عليها في سلال القمامة. وفي محاولة للتنديد بالتبذير الذي يبدو أكثر قسوة الآن في ظل الأزمة الإسبانية، تحضّر هذه المجموعة من الناشطين المدافعين عن البيئة من وقت إلى آخر «وجبة قمامة» مخصصة لسكان الحي. فعشية التجمع، جال الناشطون وهم يجرّون عربات المؤن في الشوارع يفتشون في سلال القمامة أمام متاجر البقالة بحثاً عن أطعمة مرمية صالحة للاستهلاك. وبعد ساعة من البحث غير المجدي، وقع الناشطون على كنز مطمور في حاوية مهملات أمام متجر للخضر والفاكهة. وفصّل أحد الناشطين «حصاد اليوم» بقوله: «لدينا كيلوغرام من السلق، نصف حبة أناناس، كيلوغرامان من البندورة (الطماطم)، ملفوفتان، كيلوغرامان من الجزر، ثلاثة كيلوغرامات من الزعرور الجرماني (الأكي دنيا)، كيلوغرامان من الموز، كيلوغرام من المشمش، وقنّبيطتان، وفليفلة، وكرفس، وبندورة كرزية». وغداة جولتهم هذه، نصبوا مائدة في حديقة حي شعبي انتشرت عليها أطباق شهية فيها الباذنجان والجزر المبروش والفاصولياء الخضراء والكسكوس بالخضار وسلطة الفكاهة. وإلى المؤن التي أخذت من القمامة، قدّم بعض التجار منتجات لم تعد صالحة للبيع لأنها وصلت إلى نهاية صلاحيتها. وغسلت كل هذه المكونات بمواد مطهّرة. ويقول بيبي رودريغث (44 سنة) وهو عاطل من العمل سمع من صديق عن هذه الوجبة المجانية: «ليس لدي أي مشكة في تناول وجبة كهذه لأنني أعرف أن الأطعمة التي رميت لم تكن سيئة. بالنسبة إلي، هذه ليست نفايات... إنها فعلاً لذيذة». وولدت فكرة «وجبات القمامة» عام 2010 «عندما رأينا أن كميات كبيرة من الأطعمة تهدر»، على ما يقول تخومين كالفا، مضيفاً: «حتى لا تكون المبادرة مجرد إجراء احتجاج، نقدم الطعام مجاناً إلى المعوزين» الذين يزداد عددهم يوماً بعد يوم. وهدف المدافعين عن البيئة هؤلاء واحد: لجم التبذير. ففي إسبانيا يرمى 163 كيلوغراماً من الأطعمة للفرد الواحد سنوياً، و179 كيلوغراماً في شكل وسطي في الاتحاد الأوروبي. ولدت هذه الحركة في التسعينات في الولاياتالمتحدة، وهي تأخذ أبعاداً واسعة في أجواء الأزمة التي تتخبط فيها إسبانيا. غير أن الأشخاص الذين يفتشون في حاويات النفايات قد يواجهون بحسب القانون الإسباني غرامة مقدارها 150 يورو.