اختُتِم في مراكش مهرجان الفنون الشعبية في دورته السابعة والأربعين، بمشاركة الكثير من الفرق الفولكلورية الشعبية التي تُجسّد الغنى والتنوع الغنائي والثقافي في المغرب، وأكثر من 600 فرقة نظمت يوم الافتتاح جولة عبر محطات عدة في مراكش بدأت في حي جليز الراقي وانتهت في ميدان جامع الفنا الشعبي الشهير بعد محطات وشوارع كثيرة في المدينة. وبرمج المنظمون خلال الدورة، عروضاً لفنانين وفرق شعبية متنوعة لها حضورها في المشهد المغربي، مثل «أوركسترا طهور» وفرقة «آش كاين» و «فرقة أولاد بن عكيدة» والفنانة حادة وعكي وفرقة عبيدات الرمى وفرقة «أحيدوس» الأمازيغية وفرقة عين عرمة، وفرق أحواش بإيمنتانوت ووارززات وأحواش تيسينت وفرقة عيساوة الصوفية وفرقة الدقة المراكشية المحلية وفرق كناوة ذات الطابع الأفريقي الزنجي وفرقة الكدرة ذات الطابع الصحراوي المعروفة بترانيم الرّحل، وهي فرق شعبية تحظى بمتابعة كبيرة من الجمهور المغربي. ويرى المنظمون أن هذه التظاهرة الفنية ينبغي ألا يقتصر دورها على المتعة، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى ملامسة الهمّ الثقافي، لأنّ نفض الغبار عن هذا التراث وتقديمه للأجيال الجديدة سيساهمان في الحفاظ عليه وتثمينه في ظلّ التحوّلات التي يعرفها المغرب والعالم، وهجوم وسائل التواصل الجديدة التي تهدّد هذا الفن العريق، خصوصاً أنّ الجزء الأكبر منه شفهي ومعرّض للنسيان والاندثار. فعِماد الفنون الشعبية في المغرب هو تلك الأهازيج والأغاني والرقصات التي موطنها الأصلي هو القرى البعيدة. وكانت هذه الفنون، حتى وقت قريب، تُشكّل زاداً يومياً للمواطنين في أعراسهم وأفراحهم ومناسباتهم. لكن التحوّلات الثقافية جعلت الكثير من هذه الأهازيج والرقصات والفنون تتعرض للنسيان. ولن يتوقف دور المهرجان عند التذكير بأهمية الفرق والمجموعات الغنائية، بل يساهم في تقديمها ونسج شراكات بينها من أجل الانتقال من العمل المنفرد إلى العمل المشترك. وشهدت الدورة السابعة والأربعون للمهرجان، التي نظمتها مؤسسة المهرجانات في مراكش تحت شعار «المهرجان الوطني للفنون الشعبية شاهد على تراث متجدد»، تقديم العروض الفنية في قصر البديع المراكشي، حيث استمتع الجمهور وزوار المدينة برقصات وأغانٍ بديعة طوال أيام المهرجان. وتضمن البرنامج إقامة قرية في فضاء حدائق الزيتون في المدينة الحمراء، خصصت لتقديم الفرق. كما تميزت الدورة الجديدة بتخصيص إقامات اجتمع فيها المعلمون بفرقهم التقليدية وفنانون مغاربة من الجيل الجديد بغية تسهيل التواصل بين الأجيال وإشراكهم جميعاً في تحقيق تجارب متميزة. لم تخل هذه الدورة أيضاً من مشاكل تقنية، فأثناء حفلة التكريم الذي كان من المفترض أن تحتضنها قرية المهرجان لتكريم الفنان حميد الزاهر أحد رواد الأغنية الشعبية، المعروف بأغانيه التي أطربت المغاربة خلال ثمانينات القرن العشرين وتسعيناته، عصفت رياح شديدة بالمدينة، ما فرض تأجيل النشاط بعدما تفرّقت الحشود التي جاءت لتحية الفنان.