تُجمع الآراء على أن الأوضاع في سورية انعكست سلباً على الاقتصاد الأردني، خصوصاً على القطاع الخاص الذي يرتبط بمصالح تجارية معها، إذ تُعتبر سورية المنفذ البري الوحيد للصادرات والواردات من تركيا ودول شرق أوروبا ولبنان وإليهم. وفي حال فُرضت عقوبات اقتصادية على التعاملات التجارية بين البلدين، خصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة التي يواجهها الأردن، فسيؤثر ذلك سلباً في قطاعات اقتصادية وتجارية واسعة، منها النقل والسياحة وغيرها. وأكد رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي أن بلاده «جزء من الوطن العربي، وأي توتر في سورية سيؤثر في المنطقة، خصوصاً الأردن الذي تربطه بسورية علاقات اجتماعية واقتصادية تختلف عن العلاقة بين بقية الدول العربية». وقال في حديث إلى «الحياة»: لسورية ميزة إيجابية بالنسبة للأردن، إذ تُعتبر ممراً للبضائع الواردة من أوروبا وتركيا وعبر البحر الأبيض المتوسط، وخصوصاً طرطوس والموانئ اللبنانية إلى الأردن». وأضاف: «سورية تُعتبر شريكاً اقتصادياً استراتيجياً للأردن الذي يستورد الكثير من السلع ويصدّرها، خصوصاً المواد الغذائية والمنسوجات القطنية، وما يحدث في سورية سيدفعه للاتجاه نحو جهات أخرى للاستيراد والبحث عن أسواق أخرى للصادرات». التجارة ولفت إلى «تباطؤ في الحركة التجارية بين البلدين، نتيجة بعض العوائق التي تتعلق بالترانزيت لجهة الخوف من ارتفاع التأمينات على البضائع والتأخر في نقلها»، مؤكداً أن «بعض الشركات التي تستورد الحديد والخشب عبر ميناء طرابلس أصبحت تتجه إلى أسواق أخرى». وأضاف أن «هناك حركة تجارية ملحوظة على الحدود السورية - الأردنية حالياً، إذ تشير الأرقام الرسمية إلى انخفاض التبادل التجاري، بينما الأرقام الحقيقية تُظهر ارتفاعاً». العقوبات وفي ما يخص العقوبات الدولية، أشار الكباريتي إلى أنها «اقتصرت على بعض الأمور، والأردن كان دائماً ملتزماً بالقرارات الدولية ويحترمها، إلا أن موقف القطاع التجاري واضح وهو يأمل ألا تشمل أي عقوبات اقتصادية الجانب الأردني بسبب خصوصية العلاقات التجارية بين البلدين». وأشار إلى أن «الوضع الاقتصادي في الأردن ليس في أحسن أحواله، إذ يوجد أكثر من 130 ألف لاجئ سوري، ما يشكّل عبئاً على الدولة». وأوضح أن «التجارة الفردية ما زالت قائمة ومزدهرة، خصوصاً في المدن المجاورة للحدود السورية، وأهالي مدينة الرمثا»، مؤكداً أن التجار الأردنيين سيبقون على تواصل مع السوريين ولن تتأثر العلاقات التجارية بغض النظر عن أي تغيرات سياسية أو غير سياسية. ولفت إلى أن «سورية تختلف عن الدول الأخرى، إذ لديها القدرة على تحمل الصعوبات، وشعبها منتج وغير مسرف ولديه اكتفاء ذاتي ويتمتع بالقدرة على تحمل الظروف الاقتصادية الحالية». وأكد الخبير الاقتصادي أنور الخفش أن «عدم الاستقرار في سورية هو عدم استقرار سياسي واقتصادي في الأردن، الذي يجب أن يبقى محايداً مهما عُرض عليه من إغراءات، وأن لا يتدخل بما يحصل في سورية، ويؤيد فقط ما يختاره الشعب السوري». وشدّد على أن «الأردن يعتمد على سورية في الكثير من الأمور، والعكس صحيح، وهناك اتفاقات تجارية بين البلدين وعلاقات سياحية، كما أن سورية تدعم الأردن بالمياه»، داعياً إلى عدم «التخوف من تأثر التحويلات المالية بين البلدين لأنها تتعلق بمبادلات تجارية بين شركات وأفراد وبنوك، وهي تسير بحسب المعايير الدولية». وحذّر من أن أي عقوبات تُفرض على سورية ستؤثر مباشرة في الأردن من جهة انسياب السلع والبضائع»، داعياً المجتمع الدولي إلى تفهم طبيعة التركيبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة بين البلدين، ومشيراً إلى ضرورة ألا يجامل الأردن أحداً وألا يكون أداة لأي جهة. وأكد أحد التجار أن سورية تعتبر شريكاً رئيساً للأردن، إذ تتجاوز المبادلات التجارية بين البلدين بليون دولار سنوياً، إلى جانب تجارة الترانزيت بالاتجاهين»، مشدّداً على أن «في حال فرض عقوبات اقتصادية، فان البدائل المطروحة أمام الاقتصاد الأردني هي تحويل خطوط التجارة إلى الأردن وعبره إلى ميناء العقبة، أو العراق والشحن الجوي المباشر، وهي بدائل مكلفة جداً وستؤدي إلى زيادة البطالة لاسيما في قطاع النقل البري الذي يعتمد مباشرة على الطرق البرية السورية». يُذكر أن قيمة الصادرات الأردنية إلى سورية بلغت عام 2011 نحو 182 مليون دينار (256.3 مليون دولار)، مقارنة بنحو 170 مليوناً عام 2010، فيما بلغت الواردات نحو 277 مليون دينار العام الماضي، في مقابل 267 مليوناً عام 2010. ويستورد الأردن من سورية المنسوجات والملابس والمنتجات الحيوانية والنباتية والمواد الغذائية، في حين تُعتبر المنتجات والمواد الكيماوية والزراعية والمنتجات النباتية والآلات والأجهزة الكهربائية من أبرز الصادرات الأردنية.