دعت دول عربية منذ أسابيع رعاياها الى عدم التوجه الى لبنان بسبب مخاطر امنية. ولكن، وقبل التحذيرات الحكومية، قرر العديد من السياح العرب العدول عن زيارة لبنان هذا الصيف. اذ ان هروبهم من وهج الصيف في بلادهم وضعهم تحت رحمة الأسعار الملتهبة في لبنان. وصرّح وزير السياحة اللبناني فادي عبود منذ اسبوعين بأن لبنان خسر اكثر من 300 الف سائح كانوا يأتون عن طريق البر. ورد اسباب هذا الإنخفاض الى الاحداث في سورية. وهذا الرقم يشكل 90 بالمئة من السياحة البرية عبر سورية. وبالرغم من ذلك زادت اعداد الوافدين عبر مطار بيروت خلال الأشهر الأربعة الأولى بنسبة 22 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وتُسمع صرخات اصحاب المؤسسات السياحية في لبنان كلما تأزم الوضع الامني والسياسي. ولكن هولاء لا يقومون بواجباتهم لتحسين صورتهم وجذب السياح. فمعلوم أن وزارة السياحة عبرّت في مناسبات سابقة عن مخاوفها من انعكاس ارتفاع الأسعار وعمليات الغش في بعض المطاعم والفنادق على سمعة لبنان السياحية. وتتنوع هذه المخاوف بين تلاعب بالأسعار في المطاعم وعدم وضع تسعيرة ثابتة لسيارات التاكسي، ما يشرّع الأبواب لكل انواع الغش والإبتزاز. حتى الفنادق التي تتململ من "شحّ" في الحجوزات ليست بمنأى عن القضية، اذ يعبّر السياح عن انزعاجهم من غلاء أسعار الغرف في الفنادق، في بيروت كانت أم في الجبل. وحتى بعد ان حوّل بعض السياح من الفنادق الى استئجار شقق في الجبل، ما لبث ان زاد مالكوها قيمة إيجاراتها، على هواهم من دون رادع او منظّم لهذه الزيادة. وهذا فضلاً عن عوامل عدة تساهم في الإساءة الى تجربة السائح، منها ضعف شبكة المواصلات وزحمة السير الخانقة، إضافة الى تقنين التيار الكهربائي بشكل يومي. الا ان اعداد السياح العرب الوافدين الى لبنان تبقى مقبولة نسبياً، والسبب، على رغم الأسعار غير المعقولة، يعود إلى ان تنوع التجربة السياحية في لبنان تميّزه عن بقية دول الجوار. فما يعيشه السياح العرب لأسابيع في لبنان هو جزء مما يعيشه المواطن اللبناني على مدار السنة من وضع أمني دائم التقلّب وغلاء واحتيال وغياب للخدمات العامة. وأجمل انواع السياحة هي تلك التي تسمح للزائر التعرف على اسلوب حياة السكان الأصليين... بحلوها وبمرّها.