على رغم كثرة قضايا الطلاق التي تعاملت الدكتورة نورة العسيري، مع تداعياتها، إلا أن قضية أسرة، تضم سبع شقيقات مُطلقات شكلت لها «صدمة». وقد لا يرى الكثير من السعوديين في الطلاق «مشكلة»، بعد ان تفشى في شكل كبير، فآخر إحصائية أصدرتها وزارة العدل، كشفت أن معدل حالات الطلاق اليومي في السعودية، يقدر بنحو 87 حالة. فيما قدرت الوزارة عدد صكوك الطلاق، والخُلع، وفسخ النكاح في مناطق المملكة الصادرة العام 1428ه، بنحو 28.561 صكاً، 84 في المئة منها طلاق، وخمسة في المئة خُلع، و11 في المئة فسخ نكاح. إلا أن العسيري، التي تعمل في إحدى المؤسسات المتخصصة في التنمية الاجتماعية، ترى «مخاطر جمة تهدد المجتمع السعودي بسبب تزايد حالات الطلاق داخل الأسرة الواحدة». وتقول ل«الحياة»: «تبدو المشكلة أكبر في بيوت تضم بين جدرانها أكثر من مطلقة»، مضيفة «أغرب قضية بحثتها خلال سنوات عملي، بدأت عندما تعاملت مع فتاة مُطلقة، كانت تعاني من تداعيات الطلاق، فحاولت مساعدتها وإخراجها من الكابوس المظلم، إلا إنني اكتشفت عندما قمت بزيارة عائلتها في منزلهم، ان ستاً من أخواتها السبع، مُطلقات، وهن يعشن في منزل والدهن، وكل واحدة تروي إلى الأخرى معاناتها خلال الفترة التي أمضتها مع زوجها السابق». وتضيف «تحدثت مع الأم، التي طغت علامات التعب والشقاء على وجهها، بسبب ظروف بناتها، اللاتي تُذكّر كل واحدة منهن الأخرى بموعد جلستها في المحكمة، أو رؤية أبنائها، أو متابعة قضية النفقة التي رفعتها على طليقها». تتوقف العسيري، برهة عن الحديث، لتتذكر بعدها حال عائلة أخرى، تتعدد فيها حالات الطلاق أيضاً، «واجهتني عائلة أخرى، تضم شقيقين مُطلقين، إضافة إلى شقيقتهما المُطلقة، فيما والدهم يعتزم تطليق والدتهم، لأنه يراها فاشلة، لعدم تربيتها أبناءها بطريقة صحيحة، ما أدى إلى فشلهم في حياتهم الزوجية، بحسب ما يعتقد الزوج». وتستوقفها عائلة أخرى تحوي «مُطلقين ومُطلقة، والأخيرة تعاني من أرق دائم، حتى أصيبت بحال نفسية سيئة، تمكنت من التخلص منها، بمساعدة أهلها والمقربات منها». وتسرد حالات أخرى مشابهة، ولكن عن الخلع، الذي «بدأ يطفو على السطح»، مشيرة إلى «شقيقتين تقدمتا إلى المحكمة لخلع زوجيهما، ودفعتا الكثير من المال، للحصول عليه، ولا زلتا تتمسكان بطلبيهما. كما ان لديهما أخاً طلق زوجته». وترى أن تعدد حالات الطلاق في الأسرة الواحدة «يختلف اختلاف كلياً عن وجود حالة واحدة في البيت، فالطلاق المتعدد في الأسرة، يدق ناقوس الخطر حول احتمال حدوث الأمراض النفسية، وربما جرائم وعنف أسري، إضافة إلى النظرة الاجتماعية إلى هذا المنزل، لأن الطلاق المتعدد في الأسرة الواحدة، يثير خلافات بين أفراد العائلة والأقرباء، وتعاني الأسرة من التفكك، فالأجواء تكون مشحونة بالخلافات والهموم». واشارت إلى ان أكثر المتضررين من حالات الطلاق المتعدد داخل الأسرة هم الآباء، وبخاصة إذا كانوا متقدمين في السن.