تصاعد الحديث عن اتصالات بين جماعة «الإخوان المسلمين» والمجلس العسكري الحاكم في مصر، عشية إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بعد ظهر اليوم نتائج جولة الحسم التي تنافس فيها مرشح «الإخوان» محمد مرسي والمرشح المحسوب على المجلس العسكري أحمد شفيق، بعد انتهائها من فحص الطعون. ودخل المعارض البارز الحاصل على جائزة نوبل للسلام محمد البرادعي على خط الأزمة، معلناً فتح خطوط اتصال مع جميع الأطراف لمنع الانزلاق إلى صدام. وقال مصدر مطلع على الوساطة إن «البرادعي أجرى اتصالات مع جنرالات الجيش وقيادات أمنية عليا، إضافة إلى قادة الإخوان، في مسعى إلى انتشال البلاد من حال الفوضى والحد من التأزم السياسي الحاصل». وكان البرادعي قال إن هدفه «العمل على تجنب الصدام عن طريق الحوار بين مختلف الأطراف لإيجاد صيغة توافقية تعبر بها مصر تلك المرحلة الملغمة». غير أن قيادياً في «الإخوان» أكد ل «الحياة» أن «لقاءات عدة جرت طوال الأسبوع الماضي بين رئيس البرلمان (المنحل) سعد الكتاتني ونائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر وقادة المجلس العسكري، لكن من دون محصلة». وقال: «ربما يتدخل أحد للوساطة، لكن بمبادرة شخصية منه من دون تكليف من الإخوان». وزاد: «تبدو لنا اللقاءات كأنها جلسات استماع... يستمعون إلى مطالبنا ويبررون مواقفهم من دون حسم للأمور العالقة». وأضاف المصدر: «نتلقف نتيجة الاجتماعات عبر رسائل يوجهها إلينا مقربون من المجلس العسكري، ونلحظ منها رفضاً لمطالبنا وتشدداً تجاه الإعلان الدستوري المكمل وحل البرلمان... ما نراه هو أن المجلس العسكري يسعى إلى تكبيل الرئيس المقبل، ووضع خطوط حمراء يحظر على الرئيس الاقتراب منها، وهو ما نرفضه في شدة». وأشار قيادي آخر في «الإخوان» إلى أن اسم البرادعي «تصدر لائحة شخصيات لترؤس الحكومة الجديدة طرحتها القوى السياسية خلال مناقشاتها مع محمد مرسي الذي رحب في شدة، لكن البرادعي لم يُبدِ موافقته». وكانت لجنة الانتخابات أكدت أنها ستعلن اليوم نتيجة الانتخابات بعد الانتهاء من فحص مئات الطعون التي قدمها مرسي وشفيق اللذان يتنازعان إعلان الفوز. إلى ذلك، قال مسؤول عسكري إن جنرالات الجيش نقلوا رسالة شديدة اللهجة إلى السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون عبَّروا فيها عن رفضهم للتصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية التي طالبت بتسليم كامل للسلطة للفائز بالانتخابات الرئاسية. وأشار المسؤول إلى أن الجنرال المكلف الاتصالات مع الأميركيين «أبلغ باترسون باستياء المجلس العسكري من التصريحات الأميركية، وأكد لها الرفض الكامل للتدخل في الشؤون الداخلية لمصر»، وإن شدد في الوقت ذاته على أن «أمر تسليم المجلس السلطة إلى رئيس منتخب مفروغ منه». وعُلم أن المجلس العسكري كلف وزير الخارجية محمد كامل عمرو الاتصال بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون ووزيرة خارجية قبرص إيراتو كوزاكو ماركوليس التي ستتولى بلادها رئاسة الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأسبوع المقبل، لتأكيد «التزام المجلس العسكري بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب بنهاية الشهر الجاري». وأشار عمرو خلال الاتصالات إلى «ضرورة احترام أحكام القضاء المصري باعتبار أن الشرعية الدستورية هي السبيل الأمثل للوصول إلى دولة ديموقراطية حقيقية»، وهو ما بدا رداً ضمنياً على الانتقادات لقرار حل البرلمان. وأوضح عمرو أن «لجنة الانتخابات الرئاسية هي الجهة المعنية بإعلان نتيجة الانتخابات، وقراراتها واجبة الاحترام أياً كان الفائز». وأكد أن «أي تصريحات تصدر من جهات خارجية تتناول الشأن الداخلي المصري في هذا التوقيت الحساس في مسيرة الانتقال الديموقراطي هي تصريحات غير مفيدة وتؤثر سلباً على سير هذه العملية، بل ويمكن تفسيرها باعتبارها تمثل تدخلاً غير مرغوب فيه في الشأن الداخلي».