فقدت الأمتان العربية والإسلامية والعالم أجمع بوفاة ولي العهد، نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية، الأمير نايف بن عبدالعزيز، رجلاً شهماً وكريماً، كرّس كل حياته لخدمة وطنه وأمته بكل إخلاص بما اتصف به من حضور مميز وسياسة حكيمة، ومواقف تاريخية. إذ استطاع «رحمه الله» أن يحقق بحكمته وإنسانيته ومساهماته النيرة والفاعلة ما تشهده المملكة العربية السعودية من نهضة تنموية شاملة، جعلتها في مصاف الدول المتقدمة، وكان عضداً مخلصاً وفياً أميناً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. إنني اليوم أنعي رجلاً بذل حياته في خدمة دينه ووطنه، وكرس نهجاً ومدرسة لن تُنسى في الوطن وخارجه، فلقد عاصر مختلف التحولات التي مرت بها أمتنا العربية، وهو ما جعله يتمتع بخبرة عريضة، وسعة في الأفق، وقدرة على معالجة أدق الأمور وأصعبها. لقد أطفأ الله بالفقيد - رحمه الله - جذوة الفتنة ونار العنف والإرهاب، وأنعم على البلاد بظلال الأمن، إذ لم يهدأ له بال ولم تغمض له عين حتى استأصل جذور الإرهاب وجفف منابعه، فلقد كان العين الساهرة على ترسيخ الأمن والطمأنينة في ربوع المملكة، ووضع على رأس أولوياته ومهماته راحة المواطن والمقيم والزائر لبيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف. لقد عُرف عنه «رحمه الله» الحلم والحزم والكرم والسخاء ومساعدة المحتاج، وحبه لفعل الخير، والبر بالناس، ودعم العلم وأهله داخل المملكة وخارجها، ورعى كثيراً من الأعمال في خدمة الدعوة والسنة النبوية والتراث الإسلامي، ودعم إنشاء الكثير من الكراسي العلمية، وقدم الكثير أيضاً من الأعمال لخدمة الإنسانية جمعاء. إن المصاب فاجعة للأمتين العربية والإسلامية، فقد رحل رجل الأمن الأول، وحامي بلاد الحرمين، المدافع الصلب عن الدين والعقيدة والأخلاق والديار، وكان «غفر الله له» ذا هيبة عظيمة في قلوب أعداء هذا الوطن، لما لمسوه من صرامته واستبساله في حماية المملكة أرضاً وشعباً من كل من أراد بها سوءًا. المملكة والعالمان العربي والإسلامي خسروا خسارة فادحة بوفاة ولي العهد «رحمه الله»، رجل المهمات الصعبة والقلب الممتلئ حباً وخوفاً على أرضه وأبناء شعبه وأمته. وإني أسأل المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته، وأن يحسن عزاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية، وأن يلهم الأمير سعود بن نايف وإخوانه الصبر والسلوان في مصابهم الجلل. * الرئيس التنفيذي لشركة «دي إتش إل» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.