نعى وزير السياحة المصري فخري عبدالنور، الأمير نايف بن عبدالعزيز، وقال في حديث إلى «الحياة»: «إن العلاقات التي تربطنا بالمملكة العربية السعودية تجعل هذا المصاب مصابنا جميعاً، فنحن نتقدم بالعزاء إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإلى الحكومة والشعب السعودي، ونؤكد أننا في مصر نشاركهم جميعاً الألم والحزن على هذه الخسارة الفادحة، وندعو الله سبحان وتعالى أن يتغمد الفقيد فسيح جناته، ويجزيه خير الجزاء على ما قدمه للمملكة وللشعب السعودي من خدمات تتكشف الآن في الاستقرار الذي يشهده الشارع السعودي، على رغم ما يحيط به من أحداث واضطرابات». وأضاف عبدالنور: «أنا على يقين بأن الأسرة السعودية بما تحمله من قيم وشخصيات، قادرة بإذن الله على تعويض هذه الخسارة الفادحة». الخبير السياسي المصري الدكتور مصطفى الفقي أوضح أنه التقى الأمير نايف بن عبدالعزيز في آخر زيارة له إلى مصر، وقال الفقي ل «الحياة»: «لقد جاء الرحيل المفاجئ للأمير نايف بن عبدالعزيز بمثابة صدمة لعارفيه في أنحاء العالم العربي، فكان - رحمه الله - شخصية قوية ومؤثرة في الحياة السياسية داخل المملكة وخارجها، وكان رجل دولة ذا بأس، استقر على يديه أمن البلاد بعد سنوات طويلة شغل فيها منصب وزير الداخلية». وأوضح الفقي أن الأمير نايف بن عبدالعزيز رحل عن عالمنا في وقت تشتد فيه الحاجة إليه وإلى أمثاله من المخلصين العرب، مضيفاً أن الشعب المصري يتقدم بالعزاء إلى خادم الحرمين الشريفين والشعب السعودي على كل المستويات. وأشار الدكتور مصطفى الفقي إلى أنه التقى الأمير نايف بن عبدالعزيز في آخر زياراته إلى القاهرة، وأنه لمس حرصه وشعوره تجاه مصر، هو وكل أبناء الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الذين أوصاهم والدهم المؤسس خيراً بمصر وشعبها. وفي تونس أوضح رئيس تحرير صحيفة «الصباح» التونسية علي قليبي أن الأمير نايف بن عبدالعزيز بحكم ترؤسه مجلس وزراء الداخلية العرب الذي تحتضن تونس مقره، كان دائم الزيارات سواء لترؤس اجتماعات المجلس أم سواه، وكانت له صورة في الصحافة والإعلام التونسي أنه رجل الأمن القوي الذي يتحمل مسؤولية ملف من أهم الملفات التي تواجه المنطقة العربية الآن. وقال قليبي ل «الحياة» إنه كان يتلمس من خلال حضوره وتغطيته لهذه اللقاءات حرص الأمير نايف بن عبدالعزيز على التوفيق بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير المتطلبات التي تواجه الشعوب العربية قدر المستطاع في هذا الجانب، إيماناً منه - رحمه الله - بأن الأمن لن يكون قوياً من دون وضع اقتصادي واجتماعي قوي أيضاً، وإنه كان يحض دائماً وزراء الداخلية العرب في لقاءاته بهم على الاهتمام دائماً بالجانب الاجتماعي والاقتصادي قبل اهتمامهم بالجانب الأمني، وهو ما كان يجد قبولاً كبيراً سواء على المستوى الرسمي أم الإعلامي. وأكد قليبي أن خبر الوفاة كان مؤلماً في الأوساط التونسية، وقال: «خبر وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز مؤلم، فهو مسؤول كبير في دولة بحجم السعودية، لكن هذه مشيئة الله التي لا راد لها، والقيادة السعودية مؤهلة لتجاوز هذه المحنة، ونحن في تونس نثق بأنها ستعطي إشارات للعالم تؤكد أنها لن تتوقف عند هذا الخطب الجلل، وأنها قادرة على تجاوزه». مضيفاً أن تونس تقف مع المملكة في هذا المصاب قلباً وقالباً. إلى ذلك، أوضح رئيس المبادرة الأهلية للعلاقات الخليجية - الأميركية الدكتور إبراهيم المطرف أن الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - هو أحد رجالات الدولة وقيادييها الذين قيض الله لهم تولي رعاية البلاد وشؤونها، رجالاً تعاقبوا على تحمل المسؤولية، رجالاً نذروا أنفسهم لخدمة قضايا ومصالح الوطن والمواطن، رجالاً أوفياء صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وقال الدكتور المطرف ل«الحياة»: «لقد جاء اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الأمير نايف - رحمه الله - لولاية العهد، اعترافاً بسيرته الإدارية الثرية، وتتويجاً لخبراته وتجاربه من جهة، وتقديراً لما قام به من أعمال جليلة من جهة أخرى، فقد كان الأمير نايف بن عبدالعزيز حاضراً في كل شؤون البلاد». وأضاف: «لقد كان - رحمه الله - سجلاً بارزاً في العمل الرسمي، ويكفي أنه عمل تحت راية ملوك ستة، (الملك عبدالعزيز، الملك سعود، الملك فيصل، الملك خالد، الملك فهد) رحمهم الله جميعاً، إضافة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واستفاد الوطن والمواطن عند تعيين الأمير نايف ولياً للعهد من خبرة وتجارب القادة الستة، إضافة إلى خبرته الشخصية الثرية». وعن إنجازاته قال رئيس المبادرة الأهلية للعلاقات الخليجية - الأميركية: «إن الأمير نايف بن عبدالعزيز كانت له إنجازات كثيرة في مجالات متعددة الجوانب، فعمل وزيراً للداخلية لما يقرب من 40 عاماً، وأشرف على عدد من الهيئات والمجالس واللجان، وهناك إجماع وطني يؤكد أن أهم إنجازاته - رحمه الله - هي صيانة أمن البلاد، فقد تصدى الأمن السعودي بقيادته للإرهاب، ودحره دفاعاً عن أمن البلاد واستقرارها، وبات التعامل السعودي مع الإرهاب مضرباً للمثل، وهو ما حدا بالمعنيين بالأمن في دول متقدمة، إلى الدعوة إلى الاستفادة من تلك التجربة السعودية الفريدة. وأشار الدكتور المطرف إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد في أكثر من مناسبة تميز الأمير نايف - رحمه الله - وبدا ذلك في رسالة أوباما إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مهنئاً بتعيين الأمير نايف ولياً للعهد، إذ قال: «إن الولاياتالمتحدة تعرف وتحترم التزام الأمير نايف بمكافحة الإرهاب ودعم السلام والأمن في المنطقة». ويؤكد ذلك أيضاً ما وثقته شبكة «سي إن إن» الأميركية في تقرير لها حين ذكرت «أن إشراف الأمير نايف - رحمه الله - على جهود المملكة في مكافحة الإرهاب جعل منها الدولة الوحيدة التي نجحت حقاً في تفكيك شبكة محلية لتنظيم الإرهاب، وأن الحملة التي شنتها قوات الأمن بإشرافه أسفرت عن سحق تنظيم القاعدة بقيادته وعناصره». وقال: «نحن - المواطنين - توطدت علاقاتنا برجل الأمن السعودي الأول - رحمه الله - لكونه لا يعرف حلاً وسطاً للمواجهة مع العنف والتطرف والإرهاب، وشاهدنا بأم أعيننا ما قدمه من جهد في حماية الوطن والمواطن. ونعرف نحن المواطنين حق المعرفة، أن أحد الجوانب المهمة في اختياره لولاية العهد كان الجانب المرتبط بحقيقة العلاقة الوثيقة والمباشرة بين وحدة الوطن وأمنه». مضيفاً: «توطدت علاقتنا به - رحمه الله - أيضاً نتيجة حرصه على كفالة حريات المواطنين وحقوقهم. وأتذكر هنا ما أكده الأمير نايف - غفر الله له - قبيل تسلمه مهمات ولاية العهد، حين أصدر تعميماً لأمراء المناطق دعاهم فيه «إلى مراعاة الضوابط التي تكفل احترام المواطن وحقوقه وحرياته التي أكدها النظام الأساسي للحكم، وعدم اتخاذ أى إجراء يمس تلك الحقوق والحريات، وعدم السماح بالاجتهادات الشخصية والتصرفات المرتجلة». وأكد رئيس المبادرة الأهلية للعلاقات الخليجية - الأميركية أن الأمير نايف بن عبدالعزيز كان مدرسة شاملة بكل أبعادها، مدرسة استشراف المستقبل، مدرسة الحكمة والتميز والدراية، مدرسة الرؤية الواضحة وبعد النظر، مدرسة العمق السياسي والعقل المنفتح، مدرسة المهمات الصعبة والأنموذج الناجح، مدرسة أثبتت أنها قمة في إدارة الأمن وتصديها للعنف والإرهاب، مدرسة سياسة تذويب وتجفيف ومناصحة، مدرسة التثقيف بالمواطنة والأمن الفكري والدمج في المجتمع، مدرسة تمثل نهجاً لنايف - رحمه الله - اعترف العالم به كأسلوب تعامل حضاري فريد.