رويترز - لا تفوت القيادة الدينية الايرانية فرصة للاستعراض على المسرح الدولي، وقد انعشتها مقترحات بانضمامها إلى مجموعة من القوى الدولية تهدف للعمل على احياء جهود السلام في سورية. لكن الواقع مختلف بعض الشيء إذ يبدو أن الخيارات امام الجمهورية الاسلامية تنفد بشأن الحفاظ على نفوذها في سورية وبالتبعية توسيع قدرتها على التأثير في الأحداث بمنطقة الشرق الاوسط. ويقول دبلوماسيون ومحللون ان المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، ليست أمامه مساحة تذكر للمناورة، نظرا لارتباطه بالحملة الدموية التي يشنها الرئيس بشار الاسد ضد المعارضة في سورية، فضلا عن عدم ثقة جماعات المعارضة فيه إلى جانب تعرضه لعقوبات فرضتها الدول الغربية بسبب برنامج ايران النووي. وتبقى الأداة الحقيقية الوحيدة المتبقية في جعبة ايران، على ما يبدو، هي اثارة الخوف من صراع اهلي دامٍ طويل الأمد في سورية. وتأمل طهران في ان يجبر ذلك الحكومات الغربية على التراجع والتركيز على فكرة العمل مع هيكل السلطة في سورية. وقال دبلوماسي أوروبي يعمل في طهران "يريد الايرانيون ان يلعبوا دورا لكن لحماية مصالحهم فقط. انه مأزق خطير وليست هناك خطة بديلة. سيكون من الصعب جدا بالنسبة لهم تغيير المنهج." وسيشكل امتلاك طهران صوتاً في مجموعة الاتصال الخاصة بسورية وفق اقتراح المبعوث الدولي للسلام كوفي أنان وسيلة لها لحماية مصالحها خارج حدودها ويمنحها دورا في تشكيل الاحداث داخل سورية وضمان عدم امتداد الانتفاضات الشعبية التي تجتاح الشرق الاوسط إليها. لكن هذا الدور يبدو، بالفعل، بعيد المنال، حيث رفضت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون اقتراح مشاركة ايران، واتهمتها بمساعدة دمشق في "ادارة القمع" كما ان المسؤولين البريطانيين يواجهون الفكرة بنفس القدر من الامتعاض. ولا يتوقع أحد إمكانية إقناعهما بتغيير رأيهما. وعززت ايران في السنوات الاخيرة تحالفها مع الحكومة "القومية العلمانية" السورية لتزيد من معارضتها لاسرائيل وليكون قوة توازن امام القوى السنية في المنطقة. وتضع دمشقوطهران في سجل انجازاتهما مواجهة الرئيس العراقي السابق صدام حسين واجبار اسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 من خلال دعمهما لجماعة حزب الله. ولا شك في أن القلق يهيمن على دوائر اروقة الحكم في طهران بسبب الازمة في سورية. لكن الهلع لم يبد بعد على القيادة الايرانية. وقال دبلوماسي غربي، مشيرا إلى مستوى العنف الدائر، "اذا استمرت الامور على وتيرتها الحالية فسيبقى الايرانيون في راحة نسبية... الروس يتولون كل المهام الصعبة على المستوى الدولي ويمكن أن تكتفي ايران بالوقوف وراءهم." وفي الوقت الحالي، تبذل إيران كل ما بوسعها لمساعدة الاسد على الصمود. ويشمل ذلك تزويده بالتدريب والسلاح والخبرة في مجال الاتصالات لمساعدة قوات الأسد في القضاء على جماعات المعارضة المسلحة. ونقلت وسائل إعلام رسمية الشهر الماضي عن مسؤول رفيع في فيلق القدس القوة الثورية الايرانية التي تركز بشكل خاص على العمليات العسكرية خارج البلاد تلميحه إلى ان القوات الايرانية تنشط داخل سورية. ورحبت ايران في البداية بموجة الربيع العربي. وتابعت النخبة السياسية الحكام الذين اعتبرتهم طهران حلفاء للغرب وهم يسقطون أمام ما وصفتها "بالصحوة الاسلامية". لكن الوضع في سورية أوقع السلطة الدينية في ايران في بعض الارتباك الواضح. ففي البداية كان قادة ايران في حالة تحد ثم خفت حدة اللهجة مع تصاعد الازمة. ووجهت طهران دعوات ضمنية للحكومة السورية للاصلاح وتلبية "المطالب المشروعة" للشعب السوري. لكن مع تثبيت الأسد قدميه، عاد زعماء إيران لتأكيد دعمهم له، يحركهم في ذلك تزايد مشاركة قوى اقليمية منافسة... بدأت تمويل جماعات سورية معارضة. لكن إيران ليست مرتبطة بالأسد بقدر ارتباطها بما تمثله قيادته. وتقول مصادر دبلوماسية ان خامنئي يمكن ان يقرر التخلي عن الاسد مقابل الحفاظ على اجهزته الامنية. وقال دبلوماسي، غير غربي، في طهران "ربما تكون ايران مستعدة لما بعد الاسد لكنها ليست مستعدة لانتهاء نظام البعث." وأضاف انه ما دام بامكان الايرانيين أن يعولوا على بقاء أغلب المؤسسة الامنية في موضعها فيمكن التخلي عن الاسد. ولمح المصدر إلى مغازلة ايران لجماعات المعارضة السورية. وقال ان اتصالات غير مباشرة جرت مع المجلس الوطني السوري المعارض الذي يتخذ من تركيا مقرا له. واضاف الدبلوماسي "من الواضح انهم يضعون بعض الخطط مع اتصالات محتملة مع المعارضة لكن الموقف مائع جدا." لكن شخصيات معارضة بارزة تقول انها لا تثق في ايران في ضوء دعمها لاضطهاد الاسد لشعبه. وقال مير جاويد انفار، المحلل السياسي الايراني المولد، بمركز انتر ديسيبليناري في هرتزليا بإسرائيل، "من الصعب ان نرى اي اعضاء من المعارضة السوري يريدون حتى ان يعرف انهم يتحدثون مع مسؤول ايراني، ناهيك عن العمل معهم... ف"ذلك سيكلفهم الكثير في ما يتعلق بالشرعية وسيدمر أي علاقات لهم مع اليين او الاتراك." وهناك أيضا شكوك في أن ايران ربما تحاول الحصول على تنازلات من الغرب بشأن برنامجها النووي.