أرجع مقاولون أسباب تعثر المشاريع الحكومية في السعودية إلى جملة من الأسباب يبرز منها تأخر العمل بالعقد الموحد الذي يحمي جميع الأطراف ويعجّل التنفيذ، وندرة العمالة مع ارتفاع معدل السعودة المطلوبة، إلى جانب تأخر وزارة المالية في الصرف للمقاولين. ونوّه هؤلاء في حديث إلى «الحياة» بضرورة قيام شركات للعمالة توفّر حاجة المقاولين من الكفاءات مع توطين وظائف القطاع بالمعدلات المطلوبة، وضرورة تشديد الرقابة على المشاريع ومتابعة تنفيذها أولاً بأول لتحقيق المصلحة العامة، مع إنشاء هيئة مستقلة تشرف على قطاع المقاولات المحلية. وكان مجلس الوزراء قد استعرض تقريراً في جلسته التي عقدت أمس الأول، يظهر تأخر تنفيذ المشاريع في عشرين جهة حكومية خلال ستة أعوام بنسبة بلغت 41 في المائة، فيما بلغ معدل المشاريع المنفذة خلال تلك الفترة 39 في المائة، وفي المقابل تعثر تنفيذ 20 في المائة من هذه المشاريع. وفي تعليق على هذا التقرير، ذكر رئيس لجنة المقاولين بمجلس الغرف السعودية سابقاً عبد الله رضوان أن تحسين بيئة قطاع المقاولات في السعودية وإعادة تنظيمه من جديد باتت ضرورة ملحة لمعالجة القصور الذي أوضحه تقرير مجلس الوزراء. وتابع: «من الضرورة معالجة الوضع بشكل جذري، جميع دول العالم تطبق نظام العقد الموحد على المقاولين والذي ينظم العلاقة بين جميع أطراف العمل ما يؤدي بدوره لجودة تنفيذ المشاريع وسرعة بنائها، ويحفظ لكل طرف حقوقه، وهذا ما ينبغي تطبيقه لدينا في السعودية حتى تتحسن الأمور وتكون عند مستوى التطلعات، العقد الموحد يحمي المقاول والمالك والاستشاري ويضمن أيضاً جودة التنفيذ والسرعة في البناء، ويبعد المتقاعسين من المقاولين ويضيّق الخناق عليهم، كما أن نظام إدارة مشاريع المقاولين بالعقد الموحد أثبت جدواه في عدة مشاريع نفذت أخيراً في بعض مناطق المملكة». وشدّد رضوان على معاناة المقاولين من نقص وندرة العمالة المتخصصة في تنفيذ مشاريع المقاولين ونقص السعوديين المؤهلين للعمل في هذا القطاع، ما يتطلب دعم الجهات ذات العلاقة لإطلاق شركات للعمالة توفر حاجة السوق، وتحافظ في الوقت ذاته على تحقيق نسبة السعودة المطلوبة في القطاع. وزاد: «وزارة البلدية أيضاً مطالبة بتفعيل العمل بكود البناء السعودي الذي يضمن جودة بناء المشاريع الحكومية ويوفر بيئة لتصميمها على أحدث وأجود التقنيات، فعلى الرغم من إقرار مجلس الوزراء لهذا الكود وتوجيهه وزارة البلديات لتطبيقه إلا أن الوزارة لا زالت بحاجة ماسة لتوعية الجميع بماهية هذا الكود ومزاياه واشتراطات العمل به، والمواصفات والمقاييس الواجب توافرها في مواد البناء المستخدمة في المشاريع». ولم يخف رضوان وجود معضلة رئيسية تتمثل في تأخر وزارة المالية في الصرف للمقاولين بالنظر إلى أنها مسؤولة عن الصرف لمشاريع بملايين الريالات في أوقات معينة إلا أن ضخامة العمل في القسم المعني بالصرف يتطلب وجود جهاز كافي لإدارة هذا الأمر والصرف للمقاولين في الوقت المناسب حتى لا تتعطل مشاريعهم. وحول اللوحات الالكترونية التي نشط مقاولون في بعض مناطق المملكة في وضعها لتبيان الوقت المتبقي على نهاية التنفيذ، قال رضوان : «تعد هذه الخطوة حضارية جداً وتحمّل المقاولين مسؤولية كبيرة وحرصاً على التنفيذ في الوقت المحدد وتجعل عملهم مراقباً من الجميع، الكل ينتظر إنجازه، وتدفع المقاول لمحاسبة نفسه وشحذ همة العاملين معه للتعجيل بالتنفيذ والتقيد بالجدول الزمني». من جهته، أشار عضو لجنة التطوير العمراني في غرفة جدة عبد الله الأحمري إلى ضرورة تشديد الرقابة من الجهات المعنية على تنفيذ المشاريع الحكومية ومتابعة المقاولين ومحاسبة المقصرين منهم بالنظر إلى تعثر مشاريع تنموية مهمة يتم الإعلان عنها بين فينة وأخرى. وأضاف : «ينبغي أيضاً معالجة أي قصور يحدث في تمويل هذه المشاريع وبحث أسبابه، إلى جانب دراسة عقود هذه المشاريع ومعالجة أي ثغرات قد تتسبب في تأخير تنفيذها، كما يجب أن تفوز بهذه المشاريع شركات مقاولات تدرس هذه المشاريع وتتقصى حول إمكان تنفيذها في الوقت المحدد بدلاً من ضرب وعود لا تفي بها، مع توفير الكفاءات اللازمة لبناء هذه المشاريع، وعلى الجهات المعنية أيضاً وضع الشروط الجزائية الصارمة التي تحاسب المقاولين المتقاعسين في التنفيذ». من جانبه، استبعد المقاول في المنطقة الغربية عبد الله الغازي أن يكون تأخر الصرف عاملاً رئيساً في تعثر المشاريع رغم أنه يحدث أحياناً، لافتاً إلى ندرة العمالة في الفترة الحالية نتيجة قوانين وأنظمة سنتها جهات حكومية في الأعوام الأخيرة لتنظيم سوق العمل، ومنها التضييق على منح التأشيرات قد تكون من أبرز أسباب الاختلال في قطاع المقاولات.