بدأ موظفون وعمال ألمان يتخلون عن أسواق العمل السويسرية بحثاً عن فرص عمل أخرى، ربما في آسيا أو أميركا أو حتى في دول الخليج. ويبحث الأوروبيون الجنوبيون، أي الإيطاليون والإسبان والبرتغاليون واليونانيون، عن فرص عمل في سويسرا للتمتع بنوع من الاستقلال المالي والمعيشي، بعيداً من مساعدات حكوماتهم الاجتماعية الخجولة مقارنة بما تعرضه سويسرا على العاطلين من العمل. 66 ألف خريج ويبدي المسؤولون الحكوميون قلقاً إزاء مستقبل أسواق العمل السويسرية، على رغم أن معدل المتخرجين من الجامعات السويسرية يصل إلى نحو 66 ألفاً سنوياً. وكشف خبراء العمل أن نسبة العمال الألمان من مجموع القوى العاملة في السوق السويسرية، تراجعت إلى ما دون 15 في المئة، بعدما كانوا يستأثرون بحصة نسبتها 40 في المئة. وربما يشكل غلاء المعيشة في سويسرا أحد أسباب هروب العمال الألمان إلى دول أخرى. وتمثل حصة عمال دول الاتحاد الأوروبي نحو 50 في المئة من مجموع اليد العاملة في سويسرا، وعمال أوروبا الشرقية 17 في المئة فقط. ولافت أن عمال أوروبا الشمالية يتمتعون بكفاءات أعلى من نظرائهم من أوروبا الجنوبية، الذين يعملون في مجالات ثلاثة محلية رئيسة، هي الزراعة والبناء والمطاعم، ما يجعل عمال أوروبا الشمالية ينخرطون في مجالات مصرفية وإدارية عليا، تضمن لهم دخلاً سنوياً أعلى لا يقل عن 220 ألف فرنك سويسري. وعلى رغم نسبة المتخرجين الجامعيين السويسريين الجيدة، يختار 16 في المئة منهم فقط وظيفة في شركة محلية. فيما يقف الباقون أمام طريقين، يؤدي الأول إلى الانخراط في المهن الحرة أو تأسيس شركة تنشط محلياً أو دولياً، ويشكل الثاني جسراً ينقلهم إلى الولاياتالمتحدة وبعض الدول الآسيوية. هجرة السويسريين وتُرصد أيضاً نسبة 58 في المئة من عمال دول الاتحاد الأوروبي وهم من المتخرجين الجامعيين الهاربين من أسواق العمل غير المستقرة في دولهم الأم، بحثاً عن أي وظيفة خارج إطار خبراتهم حتى ولو كان الدخل متدنياً، لكن يضمن لهم كرامتهم المالية. ولاحظ خبراء في وزارة العمل السويسرية، أن ظاهرة هجرة السويسريين إلى الخارج بدأت تتفاقم منذ العام 2002. ولا شك في أن السويسريين المهاجرين وغالبيتهم من الميسورين مالياً، يبحثون عن تحقيق أحلامهم في دولة ما من طريق الاختلاط بشعبها وتبادل الخبرات والكفاءات. وفي السنوات العشر الأخيرة، هاجر نحو 30 ألف سويسري، في حين عاد 25 ألفاً إلى الوطن. وبعدما سجل عدد المهاجرين السويسريين خمسة آلاف سنوياً بين عامي 2008 و2011، لفت المراقبون إلى ارتفاع هذا العدد مجدداً إلى خمسة آلاف خلال العامين الأخيرين فقط. ولملء هذا الفراغ، ربما يكون تسهيل معاملات تراخيص الإقامة أمام عمال أفريقيا الشمالية حلاً مقبولاً ولو موقتاً، بالنسبة إلى حكومة برن.