يتصاعد في سويسرا الرفض الشعبي لتدفق مزيد من العمال الأوروبيين من الدول المجاورة، ولذلك ستتمكن حكومة برن خلال السنة المقبلة من وضع حد لحرية تنقل ذوي الجنسيات الأوروبية داخل أراضيها. وقررت الحكومة تمديد قوانين الهجرة التي تردع وصول المواطنين من دول أوروبا الشرقية، التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي منذ فترة، إليها بالآلاف. أما الدول الأوروبية التي تمثل نواة الاتحاد الأوروبي وعددها ثماني ومن بينها ايطاليا وفرنسا وألمانيا، فسيصطدم رعاياها الراغبون في الإقامة والعمل في سويسرا بجدران بيروقراطية اعتباراً من مطلع الشهر المقبل. ولم تطاول هذه الإجراءات الحائزين على إقامات من نوع «جي» التي تسمح للأوروبيين بالعمل في سويسرا ثم العودة إلى وطنهم الأم بعد انتهاء الدوام، وهي مخصصة للمقيمين على مسافات قصيرة من الحدود الأوروبية السويسرية. يُذكر أن سويسرا فتحت الأبواب قبل سنة تقريباً أمام دخول العمال من ثماني دول هي استونيا وهنغاريا وليتوانيا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا وتشيكيا، من دون تأشيرات مسبقة، لكن نظراً إلى الأوضاع الاقتصادية ستخصص سويسرا لعمال هذه الدول نحو 2200 إقامة عمل سنوياً، في حين أن إجمالي الاقامات التي ستُعطى إلى عمال دول الاتحاد الأوروبي، وعددها 17، فلن يتجاوز 54 ألف إقامة سنوياً. وعلى رغم موجة الاستياء الأوروبي، تقيدت سويسرا برفع عدد الاقامات الممنوحة إلى العمال الأوروبيين 10 في المئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، كما أن خبراء الأمن الداخلي أفادوا بأن هذه الإجراءات موقتة وستستمر حتى نهاية أيار (مايو) 2014، باستثناء رومانيا وبلغاريا التي سيجرى التشدد على حركة عمالها الوافدين حتى عام 2019، ما يعني أن عدد الاقامات قد يفوق 60 ألفاً سنوياً، في حين تبقى رومانيا وبلغاريا دولتين غير مرغوب بعمالهما في سويسرا بسبب العصابات المنظمة التي تنفذ أعمال غير قانونية. وبدأت الأحزاب اليمينية التي توغلت بنجاح في البرلمان السويسري تخشى أن يكون للتدفق الكثيف لعمال دول أوروبا الجنوبية وقع سلبي على حركة التوظيف الداخلية والدخل والسكن والبنية التحتية. فعدد المهاجرين الأوروبيين إلى سويسرا فاق معدل الهجرة بالاتجاه المعاكس بمقدار 80 ألف مهاجر خلال السنوات الأخيرة. وتنتقد الأحزاب اليسارية والشركات العراقيل التي تضعها حكومة برن في وجه الأوروبيين. وعلى رغم وصف بعضهم للتمييز التي تقوده حكومة برن تجاه العمال الأوروبيين اعتماداً على الجنسية بالصفعة العنصرية اللينة، إلا أن خبراء أكدوا أن قرارات تقليص أو لجم عدد العمال الأوروبيين في سويسرا يبرز اليوم على خلفية توترات متصاعدة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي بسبب مسائل ضريبية. واستغلت سويسرا لعشرات السنين انقسامات الدول الأوروبية للمحافظة على سريتها المصرفية والحد من تبادل المعلومات المصرفية مع الدول المجاورة، ولكن هذه السرية انهارت، لا سيما بعدما اتخذت لوكسمبورغ قراراً تاريخياً يتيح تبادل المعلومات المصرفية مع الدول الأخرى. ولذلك يأتي قرار عرقلة إقامة العمال الأوروبيين في سويسرا كرد فعل انتقامي من شأنه زيادة التوتر مع أوروبا.