على رغم تهمة التمييز ضد العمال الأجانب، حتى الأوروبيين منهم، التي تطاول سياسيين سويسريين، لا يمكن الاقتصاد السويسري الاستغناء عن هؤلاء، وربما يحتاج إلى مزيد منهم في السنوات المقبلة. ويتحدث الصناعيون السويسريون بلغة تختلف عن لغة هؤلاء السياسيين، المتهمين بجني أرباح مادية بتلاعبهم ب «عقول الناس»، إذ يدرك أقطاب الصناعة السويسرية أن التخلي عن الموظفين الأجانب يعني التخلي عن الأرباح، ومن شأن ذلك ان يورّط حكومة برن في مشكلات قد تدمر سمعة سويسرا عالمياً. ويتوقف خبراء الإحصاء السويسريون أمام واقع مهم جداً للجميع، يتمثل في أوضاع أكبر الشركات السويسرية الموجودة في السوق الوطنية، وعددها 115، لأن نحو 45 في المئة من عمال هذه الشركات وموظفيها هم من الأجانب المنتمين إلى دول أوروبية وعربية وأفريقية. ويشكل الطاقم الأجنبي في أبرز الشركات السويسرية المتخصصة بمهمات إدارية 32 في المئة. ويلاحظ المراقبون تنامي عدد الموظفين الأجانب من الدول الآسيوية، كما يستمر توافد العمال من 30 دولة حول العالم. ويُعزى توافد هؤلاء العمال إلى سويسرا إلى سببين، يتمثل الأول في مستوى الحياة الاجتماعية والعمالية المتقدمة، لأن العامل يخضع لدورات تأهيل لا مثيل لها أوروبياً، إذ تنفق الشركات مع السلطات المحلية مبالغ ضخمة لتنظيم دورات كهذه، تهدف إلى «تبييض» وجه سويسرا الاقتصادي أمام الأجانب. ويعود السبب الثاني إلى حاجة سويسرا لمتخرجين جامعيين، إذ إن تسعة عمال أجانب من بين عشرة يحملون شهادات جامعية في وطنهم الأم. وعلى المستوى الإنتاجي، يحمل 90 في المئة من العمال الأجانب شهادات جامعية مقارنة بنحو 69 في المئة فقط من العمال السويسريين. ويبرز دور المرأة مرة أخرى، في النشاطات الصناعية والإنتاجية والاقتصادية، وعلى عكس الدول الإسكندنافية، يوجد عدد قليل من النساء (السويسريات) اللواتي يتمتعن بمناصب إدارية عالية في أبرز الشركات السويسرية. لذا، ربما تراهن سويسرا على المرأة الأجنبية العاملة على أراضيها لملء الفراغ الحاصل لديها. إذ يُلاحظ ان لدى الشركات التجارية 5 في المئة فقط من المراكز الإدارية العالية تشغلها المرأة، في حين تصل هذا النسبة إلى 11 في المئة في الشركات الإدارية. واللافت أيضاً، ان 50 في المئة من النساء العاملات على الأراضي السويسرية، يحملن شهادات جامعية سويسرية. وللسنوات الخمس المقبلة، تخطط سويسرا لتعزيز مكانة المرأة داخل الطبقات الإدارية التابعة للشركات الكبرى، ما يعني ان رهان حكومة برن على تعزيز دور المرأة إدارياً، يقع على المرأة الأجنبية المثقفة.