عاد الهدوء مجدداً إلى ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية، بعد صخب أعقب إصدار أحكام قضائية في حق الرئيس السابق حسني مبارك ورجال نظامه، فيما نقل نشطاء اعتصامهم إلى مقر الحكومة المصرية القريب من الميدان، وصعّدوا من وسائل احتجاجاتهم، معلنين إضرابهم عن الطعام حتى يتم تطبيق العزل السياسي على آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق الفريق أحمد شفيق، الذي يخوض جولة الإعادة في مواجهة مرشح «الإخوان» محمد مرسي. وكان الآلاف تظاهروا أول من أمس في التحرير وعدد من المحافظات المصرية ضمن فاعليات ما سمي «مليونية الإصرار والتحدي»، للمطالبة بإعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ورجال نظامه، والضغط باتجاه إبعاد شفيق من السباق الرئاسي، قبل أن يغادر غالبيتهم الميدان مع الساعات الأولى لصباح أمس، إذ قام المتظاهرون بفتح كل المداخل المؤدية إلى الميدان أمام حركة السير، فيما ظهرت خيام المعتصمين بجوار مقر مجلس الوزراء المواجه لمقر البرلمان المصري. وكانت مسيرة خرجت مساء أول من أمس من ميدان التحرير ووصلت إلى مقر الحكومة للتنديد بالأحكام القضائية التي صدرت في حق مبارك ورجاله والمطالبة بإعادة محاكمته وتطبيق قانون العزل السياسي في حق آخر رئيس وزراء في عهده، قبل أن يعلن 38 ناشطاً اعتصامهم هناك. ورفع المعتصمون لافتة كبيرة علقت على أسوار مقر مجلس الوزراء كتب عليها: «مضربون عن الطعام حتى تنفيذ قانون العزل». واعتبرت الناشطة أسماء محفوظ، وهي واحدة من المعتصمين، أن الخطوة «سيتبعها مزيد من التصعيد والضغط على المجلس العسكري لإبعاد الفريق أحمد شفيق وإعادة محاكمة مبارك ورجاله». وقالت ل «الحياة»: «لن نغادر هذا المكان قبل تنفيذ مطالبنا، وسنمهل السلطة الحاكمة أياماً وإن لم تتحرك نحو تنفيذ المطالب ستواجه مزيداً من التصعيد». وحمّلت محفوظ الحكومة «مسؤولية تأمين المتظاهرين». من جهة أخرى، أكد المتحدث باسم حركة شباب «6 أبريل» محمود عفيفي، أن «الموجودين عند مجلس الوزراء يعبرون عن وجهتهم الشخصية ولا يتحركون بشكل تنظيمي»، مشيراً إلى أن حركته «تبحث مع القوى السياسية الأخرى في تنفيذ فاعليات جديدة خلال الأيام المقبلة». لكنه أعلن ل «الحياة» أن حركة شباب 6 أبريل قررت سحب أعضائها من ميدان التحرير، وتنفيذ سلسلة من الفاعليات الجماهيرية، سواء بلقاءات أو مسيرات في الضواحي والشوارع. وقال: «رأينا عدم التقيّد بالميدان ونقل احتجاجاتنا من التحرير والالتحام مع الجماهير»، مشيراً إلى أنهم سيعقدون سلسلة من اللقاءات الشعبية الهدف من ورائها تكوين مزيد من «وعي الجماهير» لعزل شفيق. وبخصوص موقف الحركة من جولة الإعادة، التي تنطلق في الداخل المصري السبت المقبل، قال عفيفي: «نعلن موقفنا الرسمي خلال ساعات»، مشيراً إلى أن النقاشات مع مرشح «الإخوان» محمد مرسي تسير في شكل متقدم، موضحاً: «تحدثنا إليهم بضرورة إنهاء أزمة الدستور، وهو ما تم تنفيذه، كما أنهم وعدوا بتعيين نواب ورئيس حكومة من خارج الجماعة». في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية رفيعة المستوى، إن تقرير الطاقم الطبي الذي تم تشكيله للكشف على الرئيس السابق مبارك داخل محبسه بمستشفى سجن مزرعة طرة، أشار إلى احتمال تعرضه إلى جلطة في المخ في أي وقت. وأوضحت المصادر الأمنية أن حالة مبارك الصحية مرشحة للتدهور في ظل عدم انتظام ضربات قلبه ومعاناته المستمرة من نوبات ذبذبة أذنية تسبب له ضيقاً في التنفس، وهو ما دفع أطباء قطاع مصلحة السجون إلى وضعه على جهاز التنفس الصناعي فترات طويلة. وأضافت المصادر أن مبارك ما زال يعاني حالة اكتئاب شديدة منذ زيارة زوجته سوزان ثابت وزوجتي نجليه هايدي راسخ وخديجة الجمال ووالدها محمود الجمال له يوم الأحد الماضي، وهي الزيارة التي كان لها أثر سلبي شديد على حالته النفسية، خصوصاً في ظل تأكيدات محاميه فريد الديب له باستحالة نقله عقب المحاكمة إلى سجن طرة وعودته إلى مقر محبسه السابق في المركز الطبي العالمي. من جهة أخرى، قامت سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق أمس (السبت) بزيارة نجلها علاء مبارك داخل محبسه في سجن ملحق المزرعة وبرفقتها زوجته هايدي راسخ. وقال مصدر أمني إن الزيارة تمت بناء على إذن من النيابة العامة، مشيراً إلى أن سوزان اصطحبت خلال الزيارة حقيبتين كبيرتين مليئتين بالمأكولات والمشروبات المتنوعة، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الملابس البيضاء المخصصة لسجناء الحبس الاحتياطي. وأضاف المصدر أن سوزان حاولت زيارة زوجها حسني مبارك داخل مستشفى سجن مزرعة طرة، ولكن إدارة السجن رفضت لعدم حصولها على إذن من النيابة العامة، إذ تنص لوائح قطاع مصلحة السجون المصرية على عدم جواز زيارة أي سجين قبل مرور 30 يوماً على فترة حبسه، لافتاً إلى أن سوزان تمكنت من زيارة زوجها يوم الأحد الماضي بعد أن استغلت قرار وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بمنح جميع نزلاء السجون زيارة واحدة استثنائية خلال الفترة من 26 أيار (مايو) الماضي وحتى 24 حزيران (يونيو) الجاري لمناسبة الاحتفالات المصرية بعيد العمال.