في كلّ مرة كان يعرض فيها فيلماً جديداً من إخراجه خلال السنوات الفائتة، كان المخرج جان – لوك غودار يعلن أن «هذا سوف يكون فيلمي الأخير». كان هذا التصريح الذي أضحى على مرّ السنوات كاللازمة، تعبيراً دائماً عن رغبة غودار في اعتزال الإخراج السينمائي، بعد أكثر من نصف قرن من مسار مهني جعله واحداً من أشهر مخرجي الفن السابع في العالم...وواحداً من اكثر مبدعي السينما إثارة للجدل ونزوعاً إلى التجريبية – بما في ذلك التجريبية السياسية والجمالية واللغوية -. إذاً، في كلّ مرة كان غودار يعلن الاعتزال ثم يعود في فيلم جديد، بحيث انه في المرة الأخيرة حين عرض «فيلم – اشتراكية» في مهرجان «كان» قبل سنتين تساءل كثر عما سيكون موضوع عمله التالي لتلك «الوصية» السينمائية المدهشة، فيما كان هو يؤكد أن «هذه المرة الأمر نهائي ومحسوم: لن أعود للوقوف وراء الكاميرا مرة أخرى!» ومع ذلك هاهو على وشك العودة، أو هذا ما أكدته خلال الأيام الأخيرة لانعقاد دورة «كان»، أوساط الشركة التي تولت إنتاج وتوزيع أفلامه الثلاثة الأخيرة «في مديح الحب» و»موسيقانا» و» فيلم اشتراكية»، أي شركة «وايلد بانش». فالشركة ذكرت أن من بين مشاريعها الإنتاجية السينمائية المقبلة فيلماً لغودار عنوانه «وداعاً للغة 3د». وبالتحديد كما يوحي العنوان من المفترض أن يصوّر غودار فيلمه الجديد هذا بتقنية الأبعاد الثلاثة. وهو نفسه تفكّه على الأمر بظرفه المعهود قائلاً: «إن الجميع يريدون الحصول على درجة 3 أ، أما نحن فإننا نعطيهم درجة 3د..» وغودار من أجل تصوير مشاهد فيلمه الجديد هذا طلب من إحدى الشركات أن تصنع له كاميرات صغيرة خاصة. غير أن التجديد الغوداري لن يكون عند هذا المستوى التقني فقط، بل سيكون – على الأرجح – في المضمون أيضاً، حيث عرف أن حبكة الفيلم – هذا إن كان ممكناً الحديث عن حبكة ما، في السينما الغودارية -، ستدور من حول زوجين يجدان نفسيهما فجأة في مقتبل العمر غير قادرين على أن يقولا شيئاً لبعضهما بعضاً. وبعد ذلك؟ علينا أن ننتظر كالعادة، عرض الفيلم وربما في «كان» المقبل، لنعرف الجواب في وقت سيقول فيه غودار من جديد انه سيكون «آخر أفلامه»!