قبل أشهر، اشتكت مجلة «بوزيتيف» السينمائية الفرنسية المتخصصة، من أن أدب الكاتب الإنكليزي تشارلز ديكنز لم يعرف طريقه الى الاقتباسات السينمائية بقدر ما يستحق. وكان ذلك الاحتجاج لمناسبة حلول الذكرى المئوية الثانية لميلاد صاحب «أوليفر تويست» و»دافيد كوبرفيلد». وحتى لئن كانت مجلة سينمائية إنكليزية، متخصصة هي الأخرى «سايت إند ساوند»، قد شاركت «بوزيتيف» شكواها، فإن الواقع يقول لنا ان هذا غير صحيح، حيث يمكن بسهولة إحصاء ما لا يقل عن مئتي فيلم سينمائيّ اقتبس من أدب ديكنز طوال القرن الأول من عمر السينما. هذا عدا عن المسلسلات التلفزيونية التي تبدو اليوم اكثر ملاءمة لأدب صيغ اصلاً على شكل حلقات مسلسلة نشرها ديكنز في صحافة زمنه. ومهما يكن من الأمر فإن الواقع يقول لنا ايضاً انه في الوقت الذي سادت فيه الشكوى، كانت الحياة التلفزيونية البريطانية تمتع جمهورها بمسلسل ناجح جداً مقتبس من واحدة من اشهر روايات ديكنز، «آمال كبيرة»، والمسلسل من بطولة رالف فينيس. واليوم يبدو ان هذا الأخير قد «استطعم» التعامل مع ديكنز، وليس كممثل فقط، بل كمخرج ايضاً، حيث نراه في «كان» يروّج لفيلم جديد (هو الثاني له كمخرج بعد «كوريولانوس» المأخوذ عن مسرحية شكسبير)، عنوانه «المرأة الخفية». وهذا الفيلم الذي هو قيد التصوير حالياً في شوارع لندن وأزقتها العتيقة والتي لا تزال على حالها منذ بدايات القرن التاسع عشر، هو فيلم عن ديكنز نفسه. لكنه ليس مقتبساً من رواية له وإنما من فصل من حياته. وهذا الفصل ترويه الكاتبة كلير تومالين في رواية أصدرتها قبل فترة وحققت نجاحاً كبيراً. في الفيلم يلعب فينيس طبعاً دور الكاتب الكبير. غير ان ديكنز ليس هنا الشخصية الرئيسية. فالمكانة الأولى في العمل لممثلة شابة أغرم بها الكاتب في حينه تدعى نيللي ترنان. والفيلم – كما الرواية – إذ يركز على هذه الممثلة التي كانت غرام ديكنز السري في ذلك الحين، انما يتسم كما قال فينيس في حديثه عن فيلمه في «كان»، بصبغة نسوية لا ريب فيها. بحيث انه يبدو في نهاية الأمر اشبه بتحية لشجاعة المرأة وجرأتها في تلك الأزمان المبكرة. اما الممثلة التي تلعب دور ترنان في الفيلم فهي النجمة الإنكليزية الصاعدة فليسيتي جونز، فيما تلعب دور امها كريستين سكوت توماس التي مثلت الى جانب فينيس في اشهر افلامه «المريض الإنكليزي». ويلعب الممثل توم هولاندر دور الكاتب ويلكي كولنز الذي كان صديقاً لديكنز وعرف بدورٍ لعبه في حكاية الغرام. الجدير بالذكر هنا ان هذا هو اول فيلم يتحدث عن حياة ديكنز كاشفاً غرامه السري. علماً أن فيلماً مشابهاً كان حقق قبل سنوات في عنوان «شكسبير عاشقاً» كشف عن حكاية غرام سرية لهذا الأخير مع ممثلة ناشئة في حينه لعبت دورها غوينت بالترو فيما لعب دور شكسبير، جوزف فينيس...شقيق رالف.