قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إن دول مجلس التعاون الخليجي تبدي استغرابها من الموقف الروسي الداعم للنظام السوري، مؤكداً أنها إذا لم تغير موقفها فستخسر «قاعدة» التعاطف التي حققتها في العالم العربي سابقاً، وداعياً إياها إلى تغيير سياستها نحو سورية والمنطقة بما يكفل لها مصالح جيدة في المستقبل. وأضاف الفيصل في مؤتمر صحافي عقده على هامش اجتماع المجلس الوزاري الخليجي في جدة أمس: «لا مبرر لموقف روسيا في مجلس الأمن، وآن الأوان لكي تنتقل من تأييد النظام السوري إلى السعي إلى وقف القتال والانتقال السلمي للسلطة، وهو ما سيحفظ مصالحها في سورية والمنطقة. إنها تخطئ في الوقوف ضد التيار الشعبي الجارف في الشارع السوري». وعبر الفيصل في إجاباته على أسئلة الصحافيين عن «بداية فقدان الأمل» في نجاح خطة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان، وقال: «إن قرار مجلس الأمن ينص على تطبيق البنود الستة الواردة في الخطة، ونأمل أن يكون تقرير أنان واضحاً وصريحاً ولا يحاول أن يغير ما هو واقع في سورية، وأن لا يغطي على الفظائع التي رآها المراقبون الدوليون، وأن يكون التقرير فاعلاً وليس معطلاً في سبيل حل الأزمة». وأعلن الفيصل تأجيل دراسة الردود والملاحظات المتعلقة بانتقال مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة الاتحاد إلى أيلول (سبتمبر) المقبل، موعد الاجتماع الجديد للمجلس الوزاري. وقال: «بما أن ردود الأعضاء والتعديلات المقترح إدخالها على النظام الأساسي للمجلس لن تكتمل إلا في وقت قريب، فمن الأجدى توفير الوقت الكافي لإعداد الردود على الملاحظات واستكمال دراستها في المجلس الوزاري في أيلول المقبل». وأجاب الفيصل على سؤال ل «الحياة» حول أطروحات خليجية تدعو إلى استفتاء شعبي لتقرير مسألة الاتحاد بين دول المجلس من عدمها، بقوله: «إن الاتحاد سيحافظ على مكتسبات الدول الأعضاء ولن يتدخل في شؤونها الداخلية، بل سيعزز مكتسباتها، كما أن مسألة الاستفتاء الشعبي وسيلة جديدة لاتخاذ القرار، ولا أرى أن لها حاجة، وليس هناك خلافات كبيرة على حاجة الشعوب الخليجية إلى الاتحاد، كما أن المنجز المهم في هذا الإطار هو التغيير الأساسي بتغيير اللجان التي تدرس التحول للاتحاد إلى هيئات». وحول تصريحات المسؤولين الإيرانيين الرافضة للاتحاد الخليجي، رأى سعود الفيصل أنه «لا مبرر لإيران حتى تحتج على الاتحاد، إلا إذا كان لها أهداف في منطقة الخليج، وهو ما يبدو واضحاً من تصريحات المسؤولين الإيرانيين». وتطرق إلى اليمن داعياً الدول الخليجية إلى المشاركة في مؤتمر المانحين المزمع انعقاده أواخر الشهر الجاري في الرياض «على أعلى المستويات لمساعدة اليمن على الخروج من محنته واستعادة أمنه واستقراره الذي هو من أمن واستقرار دول المجلس». وصدر عن الاجتماع بيان ختامي أوضح أن المجلس الوزاري «تابع تطورات الأزمة السورية، والأحداث المأسوية التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق، واستمرار عمليات القتل والمجازر التي لم تستثن الأطفال والشيوخ والنساء في كافة أرجاء سورية والتي كانت مجزرة الحولة مثالاً صارخاً لها». ودان الوزراء الخليجيون عدم التزام النظام السوري تنفيذ خطة المبعوث الأممي - العربي المشترك كوفي أنان، وشددوا على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته عبر اتخاذ إجراءات فعالة لوقف آلة القتل الوحشية والدمار والتهجير، والعمل على حماية الشعب السوري، ووضع حد لاستهانة النظام السوري بحياة الأبرياء، وعدم السماح له بأن يمارس أسلوب المماطلة والتسويف والتنصل من التزاماته». ورحب المجلس الوزاري بقرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية المنعقدة في الدوحة، والذي دعا فيه مجلس الأمن إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التطبيق الكامل والفوري لخطة أنان، في إطار زمني محدد، بما في ذلك فرض تطبيق النقاط الست التي تضمنتها الخطة عبر اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. وجدد المجلس تأكيد مواقفه الرافضة لاستمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، وعبر عن أسفه لعدم إحراز الاتصالات مع إيران أي نتائج إيجابية من شأنها التوصل إلى حل القضية بما يسهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها، مؤكداً أن أي ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر لاغية وباطلة ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على حق سيادة الإمارات على جزرها. وأكد المجلس الوزاري رفضه واستنكاره الشديدين لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس، في انتهاك لسيادتها واستقلالها، وطالب إيران بالتوقف الفوري عن هذه الممارسات التي لا تسهم في خدمة وتطوير العلاقات معها.