تجددت أمس، الاشتباكات بين باب التبانة وجبل محسن المنطقتين الأكثر فقراً في طرابلس - شمال لبنان، على رغم وجود الجيش اللبناني، لكن ليس داخل الأحياء الداخلية، ما أوقع قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال ومسنون، بعضهم علق بين نار القناصة وآخرون كانوا داخل منازلهم، وأدت أيضاً إلى قطع الطريق الرئيسي الذي يربط طرابلس بعكار. وتسارعت الاتصالات السياسية والأمنية لاحتواء الوضع المتأزم قصفاً وقنصاً، في بيروتوطرابلس على حد سواء، ما أسفر عن خطة أمنية مشتركة بقي تنفيذها من قبل قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني رهن الاتصالات السياسية التي كانت تكثفت على وقع كثافة نيران القذائف والرشقات النارية التي راحت تتصاعد بشكل فوضوي. وكانت الاشتباكات التي تبادل الطرفان في المنطقتين الاتهامات في شأن إطلاق شرارتها، استمرت طوال ليل أول من أمس، بعد التراشق المسائي بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن واستخدمت في هذه الاشتباكات القذائف الصاروخية والعيارات النارية واشتدت في الثالثة فجراً ثم عادت وهدأت في الخامسة صباحاً، لكن من دون أن تتوقف أعمال القنص. وأسفرت هذه الاشتباكات عن سقوط ثمانية جرحى. وتكثفت عمليات قنص في وقت لاحق من النهار لا سيما على مستديرة أبو علي- الأوتوستراد الدولي الذي يربط طرابلس بعكار ومستديرة الملولة. وتردد دوي القذائف الصاروخية بين المنطقتين بمعدل قذيفة كل خمس دقائق، وأدى القنص إلى إصابة امرأة وشاب في ظهره. وتحدثت الإحصاءات غير النهائية لعدد ضحايا الاشتباكات عن سقوط 10 قتلى وأكثر من 35 جريحاً. وقتل المواطن محمود البحري في باب التبانة برصاص القنص بينما كان يحاول إنقاذ والدته فاطمة الشيخ التي قتلت أيضاً برصاص القنص، كذلك أُصيبت عمته التي كانت بجانبه وهي في حال حرجة. ونقل الصليب الأحمر اللبناني القتلى والجرحى إلى مستشفي الإسلامي والسيدة في زغرتا. وتوفي جريح يدعى محمد يحيى متأثراً بجروحه. وعرف من القتلى خالد الرفاعي والجرحى: أحمد مرعي وكمال جليلاتي ورضوان فياض. وأجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالات بقادة الأجهزة الأمنية مطالباً ب «التشدد في ملاحقة المخلين بالأمن ومطلقي النار، وتكثيف الإجراءات لإعادة الهدوء إلى المدينة». وعاد وقال من شمسطار حيث قدم تعازيه إلى الرئيس السابق للمجلس النيابي حسين الحسيني بوفاة زوجته حياة الحسيني: «لسوء الحظ، التوتر الذي تشهده منطقتا باب التبانة وجبل محسن مستمر منذ سنوات وفي كل مرة نسعى لوقف إطلاق النار، والمشكلة لا تزال هي نفسها، ومن مسبباتها الأساسية الحرمان. ومن هذا المنطلق أعددنا مع وزراء طرابلس خطة للقيام بمشاريع إنمائية لهذه المنطقة». وأعرب عن اعتقاده بأن الأمور بعد الاتصالات التي أجراها مع المعنيين «ستكون مستقرة في الساعات المقبلة». وحين سئل عن استقالة الحكومة قال: «منذ اليوم الأول الذي تألفت فيه الحكومة قيل إنها ستستقيل ولن تستمر، ونحن على مشارف سنة من عمر هذه الحكومة وهي مستمرة. وحتماً هذه الاستمرارية ناتجة من ثقة المجلس النيابي وثقة غالبية الشعب اللبناني بها، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة». وأضاف: «قلت مراراً إذا كانت هذه الحكومة السبب في المشكلات الحاصلة في البلد، فأنا سأكون القدوة بتقديم الاستقالة لتحقيق الاستقرار، لكنني على قناعة بأن العلة ليست فيها بل في مكان آخر، وينبغي علينا أن نصارح بعضنا بعضاً كي نستطيع أن نستمر في تحقيق الاستقرار في لبنان، لئلا تنعكس أحداث المنطقة علينا، من خلال تحصين جبهتنا الداخلية وهذا الأمر سيترجم فعلياً الأسبوع المقبل على طاولة الحوار، وأدعو كل الأطراف إلى المشاركة». المخطوفون اللبنانيون سالمون وعن قضية الزوار اللبنانيين المخطوفين في سورية، قال إن «هذا الملف من مسؤولية الحكومة وتتابعه مع كل الأطراف، واعتقد بأن الأمور تطمئن إلى سلامة المواطنين المحتجزين، وأمل بأن تسفر الجهود التركية خيراً في الساعات المقبلة». وكان وزير المال محمد الصفدي اعتبر أن امن طرابلس «يجري تحريكه من بُعد وفقاً لجدولٍ لا علاقة لأهل المدينة به». وقال: «إن أهل التبانة وجبل محسن هم ضحايا لعبةٍ جهنّمية تخطط لها قوى خارجية وتنفذها بأدواتٍ لبنانية وعلى أرضٍ لبنانية، أدخلوا المدينة في دوّامةٍ قاتلة، إذ أصبح كل طرفٍ يعتبر نفسه مستهدفاً وملزماًَ بالدفاع عن نفسه، ولا حلّ إلا بالجيش اللبناني».