حافية القدمين وبوجه لم يلامسه المكياج إلا بما قلّ ودلّ، تمكنت السمراء السويدية من أصل مغربي، لورين، من الفوز بجائزة «يوروفيجن» للأغنية الأوروبية 2012، معيدة إلى السويد ألقها في هذه المسابقة الأوروبية - العالمية بعد مضيّ 13 سنة على آخر مرة فازت فيها بهذه الجائزة. والحال أن البلاد لم تستسلم لروتينها وسكينتها المعتادين ليل السبت الماضي. فمنذ الصباح، الذي توسطت سماءه شمس ساطعة، خرج أهل ستوكهولم، الميالين في العادة إلى قلّة الكلام والاختلاط، وافترشوا الأرض المكسوة ببساط أخضر حتى ساعة متقدمة من الليل، إذ فضّل كثيرون متابعة نتائج «يوروفيجن» في شكل جماعي في المطاعم والمقاهي التي قلما كانت تمتلئ بالزبائن على هذا النحو، فيما نقلت القناة الأولى في التلفزيون السويدي التصفيات النهائية من العاصمة الأذربيجانية باكو مع ترجمة إلى السويدية... فالفوز، هذه السنة، عنى الكثير للسويديين المعروف عنهم اهتمامهم بالموسيقى والغناء. ولورين (وهذا هو الاسم الفنّي للفنانة التي لم تتخطّ ال28 من عمرها)، اسمها الحقيقي زينب نوكا الطلحاوي، والداها مهاجران من مدينة مراكش المغربية، وهي ولدت في السويد ولمع نجمها في عالم الغناء بعد مشاركتها في برنامج «أيدول» بنسخته السويدية عام 2004، وحازت فيه المرتبة الرابعة على تأديتها أغنية سيلين ديون «الحب في الطريق» (Love is On the Way). وعلى رغم نشوة الحب التي أنشدتها لورين في أغنيتها الفائزة بالمهرجان «يوفوريا»، فإنها في حديثها إلى الصحافة السويدية، توضح أنها لم تعش أبداً تلك المشاعر، وأن غالبية علاقاتها العاطفية كانت قاسية، واصفة طفولتها ب«الحزينة». ولورين هي أكبر أشقائها السبعة، سافر والدها إلى إسبانيا بعد انفصاله عن والدتها عندما كانت المغنية في السادسة من عمرها، وعندما قررت رؤيته في سن سنة، كانت المنيّة قد أدركته، وعن ذلك تقول: «حزنت كثيراً آنذاك، شعرت بأنني فقدت الكثير». وتصف لورين والدتها التي شاركتها الاحتفال بالفوز، ليلة عودتها إلى ستوكهولم الإثنين الماضي، وكانت دعامتها الأساسية في سباقها نحو النجومية، بأنها «الصديقة القريبة... علّمتني كيف أبقي قدميّ على الأرض، ولولاها لما كنت أنا». وعلى عكس أغنيتها التي شاركت بها في مهرجان الأغنية السويدية «ميولدي فيستيفالن» بعنوان «قلبي يرفضني»، وفيها تعاني صراعاً بين الحب واللاحب، تُظهر لورين في «يوفوريا» القوة التي يمنحها الحب للإنسان وكيف علينا أن نعيش نشوته دائماً وحتى النهاية، لأن الحب يأتي دائماً في المقام الأول، ف «نحن هنا لوحدنا، نملك العالم... نحن أحرار، كل شيء مسموح، والحب يأتي أولاً». ومن بين 42 دولة، شاركت في التصويت للفائز في «يوروفيجن» 2012، حصلت لورين على تصويت 41 دولة، حاصدة 372 نقطة، وبفارق يزيد على 100 نقطة عن الأغنية الروسية لفرقة «الجدّات» الروسية اللواتي حظين باهتمام كبير أيضاً. إلا أن فوز لورين لم يفرح كل السويديين، خصوصاً منافسها في مهرجان الأغنية السويدية، داني سوسيدو، الذي حلّ ثانياً بعد لورين. إذ أبدى سوسيدو انزعاجه واستغرابه من التعليقات التي تلقّاها على «فايسبوك» والتي وضعته في موقع الخصم مع الفائزة، لافتاً إلى أن ذلك «يزعجه ويجرحه فعلاً»، وأنه من الأفضل للمعلقين الخروج والاحتفال بالنصر بدلاً من إزعاجه. وبعد صخب المسابقة، تعتزم لورين، التي تمارس اليوغا والتأمل، العودة إلى الطبيعة والارتماء في أحضانها، وصرّحت إلى الصحافة السويدية: «حان الوقت للاختلاء بالنفس واللجوء إلى الغابة، فهناك الكثير مما يمكن العودة به من هناك». وخلال فترة مشاركتها في «يوروفيجن» في باكو، وجهت الحكومة الأذربيجانية انتقادات إلى لورين، متهمة إياها بتسييس المهرجان، إثر لقاءات أجرتها مع نشطاء مدنيين ينتقدون سجل حقوق الإنسان في البلد، وكان اعتراضهم أن القاعة بنيت على حطام مبانٍ ومنازل كان يسكنها محدودو الدخل، وأجبروا على إخلائها بلا تعويضات. لكن لورين اعتبرت أن «للجميع الحق في قول ما يشاء، وأنا عملت ما كان يجب عمله، وراضية عن نفسي». يبقى أن لورين لم تفز بسبب الحب الكبير الذي حملته كلماتها وإصرارها على الاتحاد مع الحياة في أبدع صورها فحسب، بل بالرقص الإيقاعي المعبّر الذي قدمته على المسرح الأسطوري إضافة إلى ملابسها البسيطة والملامح التي لم تفسدها كثرة التبرّج فيما غنّت: «يوفوريا... نبحر معاً وإلى الأبد نحو اللانهائي... نعلو نعلو نعلو... ونصبو إلى الكمال».