التغييرات في الخطاب الأميركي حيال العراق، واستعداد واشنطن «لتطبيع» العلاقة مع بغداد والتطلع الى انتهاء دورها الأمني هناك، هي المظلة الأكبر التي يحملها مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى في ادارة الرئيس باراك أوباما خلال حديثهم عن الاستراتيجيته العراقية. ويصرون على أولويات المصالحة الوطنية ومشاركة جميع الفئات في العملية السياسية وعودتهم اليها، الى جانب تأكيدهم على التزامات واشنطن الأمنية والعسكرية في مناطق أخرى. وتنعكس الصورة الجديدة المتحكمة بالديناميكية الأميركية - العراقية على اللقاء الأول في واشنطن بين أوباما ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وفي إيجاز صحافي لمسؤولين رفيعي المستوى من الادارة الأميركية سبق لقاء أوباما والمالكي في البيت الأبيض، كان التركيز على ضرورة «بناء شراكة أميركية - عراقية في المدى الأبعد تتناول مسائل في العلاقة الثنائية وتذهب أبعد من الشق الأمني». وبعد ست سنوات على الحرب وتحول الجهود المركزية الأميركية في مكافحة الارهاب الى أفغانستان، لا يخفي المسؤولون أن لدى الولاياتالمتحدة «التزامات عدة» خارج الساحة العراقية، وهي تتطلع الى تحول في العلاقة من الشق العسكري الى المدني، و الى «تطبيع العلاقة بين الجانبين». وتصدرت هذه الأسس محادثات أوباما والمالكي، الذي وصل الأحد الماضي الى الولاياتالمتحدة وسيبقى فيها حتى نهاية الأسبوع الجاري. والى جانب لقائه أوباما أمس، من المقرر أن يلتقي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اليوم، ونائب الرئيس جوزيف بايدن، وزعيمة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، ووزير الخزانة تيموثي غايتنر كما سيشارك في مؤتمر للتجارة في العاصمة الأميركية. وركز المسؤولون المضطلعون بدور محوري في رسم الاستراتيجية العراقية، على قضية المصالحة والتوافق بين العراقيين واعتبروها التحدي السياسي الأبرز بعد الأمن، وبأبعادها الثلاثة: بين الأكراد والعرب، السنة والشيعة، وفي الصف الشيعي الواحد. وتبدو الرغبة الأميركية واضحة وملحة في تطلعها الى اجتذاب جميع الفئات العراقية الى العملية السياسية، من دون نسيان ترحيب الادارة بخطوة دخول الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في العملية السياسية. وأكد المسؤولون أن «من الضروري استكمال هذه العملية ونود رؤية تقدم أكبر في هذا المجال انما في الوقت نفسه نعي الصعوبات». ورداً على سؤال ل»الحياة» تناول موقع البعثيين وقيادات النظام السابق في المصالحة، قال المسؤولون: «ليس هناك جهد لاعادة البعث الى السلطة، انما هناك محادثات مع أفراد من النظام السابق وأن الأمور في هذا المجال تتم على صعيد الأفراد». واضافوا: «نتطلع الى عودة الجميع الى العراق بينهم من في المنفى ونريد رؤية الميليشيات السنية داخل العملية وزيارة المالكي الى الأنبار كانت بغاية الأهمية». وعلى المستوى الاقليمي، أكد المسؤولون أن الحكومة العراقية تدرك «أن على العراق اعادة انخراطه في المنطقة بعدما حاول الرئيس السابق صدام حسين ولعهود عزله بمعاداة الأطراف الاقليميين» . وكان لافتاً تمني المسؤولين «على دول جوار العراق القلقين من ايران، أن يحسنوا علاقاتهم مع العراق»، مشيرين الى أن» هناك خطوات تركية ومصرية في هذا الاتجاه». وغابت عبارات الديموقراطية والأهداف الرنانة، التي صاحبت الحرب في 2003، عن حديث المسؤولين واستبدلت بترحيب الجانب الأميركي «باحتضان العراقيين للعملية السياسية». وأبدى المسؤولون تفاؤلهم بالانتخابات المقبلة في كانون الثاني (يناير) المقبل خصوصا لأن «الجميع ينظر الى تحالفات مع الفئات الأخرى». وعن الوضع في كركوك، لفت أحد المسؤولين الى أن الانتخابات هناك ستكون محورية، فيما اشار مسؤول آخر الى أن الخلافات في تلك المنطقة موجودة منذ التسعينات، واستبعدوا وساطة أميركية مباشرة في المسألة. وعن فك القيود المفروضة على العراق تحت البند السابع، أعاد المسؤولون التزام واشنطن مساعدة العراق في هذا المجال مع الحديث عن تعقيدات ومسائل قانونية «يجب العمل على حلها لتحقيق هذا الهدف ترتبط بالتزامات العراق تجاه الكويت»، وبنود متصلة ببرنامج النفط مقابل الغذاء وتشريعات أخرى في مجلس الأمن. ورفض المسؤولون تحديد مدة زمنية لفك القيود انما التزموا مساعدة العراق في هذه المهمة ووفقاً للبند 25 من الاتفاق الأمني بين البلدين. ونوّه المسؤولون بنجاح الاتفاق الأمني على رغم الخلافات «بين الحين والآخر» حول بعض القضايا. وأشاروا الى أن قراءتهم للاتفاق تفيد بأن حق الجيش الأميركي في الدفاع عن النفس يضمن حقه في تنفيذ ضربات تستهدف أهدافاً محورية.