تقف القوى السياسية التي لعبت دوراً مؤثراً في اندلاع الثورة المصرية، أمام خيارين كلاهما صعب، بعد انحصار المنافسة على منصب رئيس الجمهورية المقبل بكل من مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي، وآخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك، الفريق أحمد شفيق. وتخشى قوى سياسية سيطرة تيار واحد على مفاصل الدولة وتحوّل مصر إلى «دولة دينية» إذا فاز الأول (مرسي)، فيما تتخوف من إعادة إنتاج النظام القديم بنجاح الثاني. وأمام هذا المشهد، ارتدى كل من المرشحين عباءة الثورة، فوصف مرسي نفسه ب «منقذ الثورة»، فيما تغزّل شفيق بشباب الثورة وتعهد «إعادة الثورة إليهم بعد سرقتها»، ما أظهر رغبة حثيثة من المتنافسَيْن في استقطاب قوى الثورة إلى جانبه، وإذا لم يتمكنا، فتحييدها في المعترك الانتخابي. وإذ أبدت جماعة «الإخوان المسلمين» انفتاحاً تجاه طمأنة المتخوفين من وصول مرشحها الرئاسي، لكن المؤكد أيضاً أن الجماعة لن تُقدِّم تنازلات كبيرة تفقدها مناصريها. وقال مؤسس حركة شباب «6 أبريل» أحمد ماهر، إن الحركة لم تقرر موقفها بعدُ، سواءٌ مقاطعةً أو مشاركةً بالانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أنهم طلبوا من جماعة «الإخوان» ضمانات إن حصلوا عليها سيعلنون دعمهم لمرسي، أما إذا لم يحصل ذلك «فسيكون خيارنا المقاطعة». وأشار إلى أن ترتيبات تجري الآن لعقد اجتماع خلال الساعات القليلة المقبلة، يضم ممثلين لشباب الثورة مع أعضاء في جماعة الإخوان، «لبحث مطالبنا التي تنحصر في إعلان مرشح الإخوان تعهدات أمام الشعب بأنه سيشكل فريقاً رئاسياً يضم كل ألوان الطيف السياسي، كما أنه سيشكل حكومة ائتلافية لا يغلب عليها حزب «الحرية والعدالة»، إضافة إلى إنجاز أزمة كتابة الدستور بشكل توافقي يرضي جميع التيارات». ودعا قادة الجماعة إلى «استجابة مطالب القوى الوطنية والابتعاد عن الغرور»، خصوصاً أن جماعة الاخوان حققت فقط نحو 25 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين، مقارنة بمرشحي القوى الثورية (مثل حمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح) الذين حققوا ما يقرب من 50 في المئة من إجمالي الأصوات. وقال إن «الجماعة لا يوجد أمامها سوى التحالف مع القوى السياسية المدنية». أما القيادي في حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، الدكتور عبدالغفار شكر، فاعتبر أن دعم بعض القوى الثورية لمرشح الإخوان محمد مرسي سيكون في مصلحة الشعب لمواجهة «فلول» النظام السابق. لكن شكري استدرك بتأكيد أن القوى الثورية «لن تمضي شيكات على بياض لمرشح الإخوان»، داعياً الجماعة إلى تقبّل تقديم تنازلات حتى تستطيع إنجاح مرشحها. وأوضح أن على جماعة الإخوان «التعهد بضمانات تنفذها قبل الانتخابات، لحماية الدولة المدنية، حتى يتم تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وتكون ممثلة لجميع طوائف الشعب المصري، بالإضافة لإقرار عدد من القوانين في صالح الدولة المدنية»، داعياً الجماعة إلى القبول بتشكيل حكومة ائتلافية، واختيار نواب الرئيس ممثلين من التيار المدني. من جانبه، أكد القيادي البارز في جماعة الإخوان المهندس علي عبدالفتاح، أن جماعته لا تمانع المطالب المقدمة من القوى المدنية. وقال: «أعلنّا بوضوح أننا نقبل بتشكيل فريق رئاسي يضم كل القوى السياسية، وكذلك تشكيل حكومة ائتلافية ممثلة للجميع، كما أن لا أزمة في تشكيلة تأسيسية الدستور، وسننفذ ما اتفقنا عليه مع القوى السياسية». لكن عبدالفتاح أبدى امتعاضه مما وصفه ب «المقايضات» التي تتبعها القوى الأخرى مع الجماعة، وقال: «نحن في مرحلة خطرة، ويجب علينا الوقوف في صف واحد في مواجهة عودة النظام السابق... فإما الثورة أو العودة إلى النظام السابق. الكل أمام اختبار حقيقي للتعبير عن الضمير الوطني».