تجاوز عدد ممن عرف في وسائل التواصل الاجتماعي حدود العالم الافتراضي الذي كان يربطهم بالجمهور، ليصلوا بجانب ذلك إلى عالم واقعي باتوا من خلاله أكثر قرباً من المجتمع، فالشاب الذي استغل وجود موقع «يوتيوب» وأنتج من خلاله بعض المقاطع المرئية الساخرة والكوميدية، استطاع أن يختلس الأضواء من آخرين عمرهم الإعلامي وحده يساوي عمره بأكمله، وتلك الفتاة التي أخرجها تطوّر الإعلام الجديد من غياهب المنتديات الإلكترونية بأسماء مستعارة إلى فضاء صارت فيه أكثر ثقةً، لتنثر ما لديها من أفكار باسم صريح يجد المتابعة والاهتمام والتفاعل. المواقع الإلكترونية الاجتماعية كانت مدخلاً للكثير من أصحاب الفكر من مختلف الاتجاهات، الأمر الذي جعل تلك الأفكار وأصحابها محط أنظار العديد من رواد هذه المواقع التي تحظى بالاهتمام الأكبر من أفراد المجتمع بمختلف فئاته، بل إن الأمر لم يقتصر على هذا الحد وحسب، وإنما امتد ليطاول النظر إليهم ك «قادة رأي» بإمكانهم التأثير بصورة الدعم أو حتى التأليب على مواقف معينة، في بلدٍ ثلثيه من فئة الشباب. «تويتر- فايسبوك- يوتيوب»، أبرز المواقع التي فتحت أبوابها للجميع، من دون أن تتطلب مؤهلات أو معارف للانخراط في عالمها، فبرز من خلالها من استحق ذلك، وتخصّص آخرون في بحث ودراسة شؤونها وتفاصيلها، مكونين بعداً جديداً في منظومة الإعلام، دفع وسائل أخرى إلى السعي خلفها لتكسب ودّ من نصّبهم جمهورها رموزاً. أسماء عدة عندما تمرّ لا يتوقع معها إلا أن تُعرف، سحبت جزءاً كبيراً من البساط الإعلامي من دون استئذان، خلّفت رموزاً إعلامية تقليدية حائرة، لم تستوعب بعد أن صوت الشباب هو الأعلى وهو المسموع، فأصبح منظر رئيس تحرير صحيفة كبرى يجلس بجانبه مقدّم برنامج على ال «يوتيوب» يُشار لكل منهما ب «الاستاذ» ويؤخذ برأيهما على ذات المستوى، لا يحمل أدنى غرابة، والشواهد على ذلك كثيرة. في منتدى الإعلام العربي الذي اختتمت فعالياته أخيراً في دبي بعدد من الجلسات التي تناولت قضايا إعلامية عدة، كان للشباب من مختلف الدول العربية حضورهم البارز، في جلسات خُصّصت لهم لمناقشة تأثير الوسائل التي احترفوها وخرجوا من أرحامها، فكان من السعودية ثلاثة أشخاص كان لكل منهم بصمته في الإعلام الجديد، فعبدالعزيز الشعلان وعمر حسين وفرح آل إبراهيم، استعرضوا تجارهم وتناولوا عمق ما يقدّمه هذا النوع من الإعلام. عبدالعزيز الشعلان الذي تخصّص بأدوات التواصل الاجتماعي واهتم فيها، أبرز تركيزه على سلوك المغردين في «تويتر» الذي ارتبط فيه منذ ثلاثة أعوام، وعمل على تقديم معلومات مفيدة يمكن توظيفها بشكل صحيح للاستفادة مما يقدّمه هذا الموقع، معتبراً أنه أراد تقديم بصمة إيجابية من خلال توظيفه ل «تويتر». أما عمر حسين، الذي يقدّم برنامج «على الطاير» على «يوتيوب»، فلم يخفِ رغبته بتشكيل حال من الوعي السياسي لدى الشباب السعوديين من خلال ما يقدّمه هو وغيره عبر ال «يوتيوب»، نظراً لكونه يرى أن فئة الشباب تبتعد عن النقد السياسي في الكثير من الأحيان. وتعمل فرح آل إبراهيم من جانبها، على مشروع في الخدمة الاجتماعية من خلال توظيف الإعلام الجديد، ووجّهت هجومها على الإعلام التقليدي، «انطلاقاً من كونه لا يزال غير مدرك أن الشباب قد تحرّروا مما اعتبرته وسائل التوجيه التي تتبعها وسائل الإعلام التقليدية، لينتقلوا إلى الإعلام الجديد الذي وجدوا فيه متّسعاً للتعبير عن أفكارهم بحريّة تحفظ حقوق الآخرين»، لكن فرح أوضحت أن هناك تخبّطاً لدى كثيرين فيما يخص مفهوم الحريّة والمسؤولية المترتبة عليها.