لم تأت رياح نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية بما تشتهي القوى التي لعبت دوراً رئيساً في الثورة، بعدما خرج المرشحان المحسوبان على الثورة الناصري حمدين صباحي والإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح من السباق، فيما باتت القوى الثورية أمام مفاضلة بين مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي الذي تصدر السباق، أو القبول بإعادة إنتاج نظام ثارت عليه ممثلاً بآخر رؤساء حكوماته الفريق أحمد شفيق. ولاحت بوادر تفضيل لمرشح «الإخوان» الذي اتفقت قوى إسلامية وثورية على دعمه في مواجهة شفيق. وبين هذا وذاك يقف المجلس العسكري في موقف المتفرج، يترقب من سيعتلي سدة الحكم، وإن كانت مؤشرات الأسابيع التي سبقت الانتخابات تشير إلى تفضيل الجنرالات وصول شفيق إلى المقعد الرفيع. وكانت نتائج شبه نهائية للمرحلة الأولى من الانتخابات أظهرت بعد فرز 12 ألفاً و833 لجنة عامة من أصل 13 ألفاً و99 لجنة، حصول مرسي على 5 ملايين و693 ألف صوت بنسبة 25.4 في المئة، تلاه شفيق ب5 ملايين و490 ألف صوت بنسبة 24.5 في المئة، ثم صباحي ب4 ملايين و596 ألف صوت بنسبة 20.5 في المئة، فأبو الفتوح ب3 ملايين و952 ألف صوت بنسبة 17.7 في المئة، وعمرو موسى بمليونين و618 ألف صوت بنسبة 11.7 في المئة. وزاد من فرص تصدر مرسي السباق الرئاسي رفض اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أمس الطعون التي تقدم بها المرشحان خالد علي وأبو الفتوح على نتائج تصويت المصريين في السعودية، معلنة حصول مرسي على المركز الأول في تصويت المصريين في الخارج ب107924 صوتا، ثم أبو الفتوح ب 83436 صوتاً، ثم صباحي ب47686 صوتاً، ثم موسى ب41600 صوت، تلاه شفيق ب24542 صوتاً. وبدأت جماعة «الإخوان» في الحشد لمرشحها مبكراً. وقال القيادي في الجماعة محمد البلتاجي إن «هناك اتصالات لا تنقطع من كل المشارب الوطنية تؤكد أن الثورة على المحك، وأن الوطن مهدد بانتكاسة لما قبل 25 يناير 2011، وأن الرببع العربي ومعه كل آمال وأشواق الأمة يوشك على الانكسار والانحسار». وأضاف: «لا بديل عن التوحد حول المشروع الوطني الواحد لأن النتائج تؤكد قدرة الفلول على تجميع قواهم ضد الثورة في معركتهم الأخيرة دفاعاً عن مصالحهم». وأقر أبو الفتوح بالهزيمة، وأعلن ضمناً دعمه لمرسي. وقال في بيان أمس: «أبدأ اتصالات واجتماعات وحوارات بكل القوى الوطنية، وذلك لتجميع الجهود والأصوات لمواجهة النظام الفاسد... سنسمو على خلافاتنا السياسية والحزبية، وسنُعلي فقط المصلحة الوطنية، وسنبني توافقاً وطنياً ثورياً حول كل القضايا السياسية الراهنة، كما سنقف صفاً واحداً ضد رموز الفساد والظلم والاستبداد وستنتصر ثورتنا، وستكون مصر قوية بإذن الله». وتجمع عشرات في ميدان التحرير احتجاجاً على النتائج وصعود شفيق. وظلوا يرددون هتافات ضده، ما يوحي باندلاع احتجاجات أكبر في حال فاز شفيق. وأكد المجلس العسكري أن «التزامه الصمت حتى النهاية جاء ليثبت للشعب حرص القوات المسلحة على استقلالية قراره». وقال في رسالة عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» أمس: «ساندنا الشعب بكل ما أوتينا من قوة ليحقق عبوره، لم ندخر جهداً في حفظ وتأمين ونزاهة وسلامة العملية الانتخابية... ولاختيار رئيسه بمطلق الحرية، ومهما كان توجهه أو انتمائه فهو اختيار الشعب وسنسانده للنهاية ليتحقق هدفه». وأضاف: «قريباً تشهد مصر نهاية أحد فصول المشهد الثوري وسيشاهد العالم حضارة شعب كان يقرأها في كتب التاريخ، فإذا به يفاجأ أنها ليست حضارة تاريخ فقط ولكنها حضارة مستمرة مازالت شمسها مشرقة تلهم العالم أجمع».