«انتخبوا أفكاركم وأحلامكم... انتخبوا مستقبل بلادكم... انتخبوا مرشحكم للرئاسة: العادل بكبوزة عبدالجبار»... هو شعار صفحة دشنتها مجموعة من الشباب على «فايسبوك» لدعم أحد مرشحي الرئاسة في مصر، والذي أطلق حملته الرئاسية قبل أسابيع، من قلب حي شعبي، والجميع ينتظر الآن النتيجة. وقاد الحملة شباب يؤمنون بأفكار هذا المرشح، وكانوا واثقين بقدرته على حسم السباق من الجولة الأولى، اعتماداً على ما يتمتع به من قبول لدى الجماهير. والحقيقة أنه لا فرق بين هذا المرشح وغيره، فهو يحمل بعض سماتهم، وطرقهم في حشد أنصارهم، وحتى برنامجه الانتخابي يشبه إلى حد كبير برامج العديد من المرشحين، وإن تفوق عليهم أحياناً في بعض النقاط. ومرشح الرئاسة، عبدالجبار، الذي تشابه ملامحه ملامح «أبناء البلد»، يفضل ارتداء الجلباب وعرض أفكاره وبرنامجه في المقهى القريب من مقر حملته في ذلك الحي الشعبي. الفرق الوحيد بينه وبين بقية المتنافسين على الساحة أنه مرشح افتراضي... فهو مجرد دمية! دمية خرجت إلى الوجود من أفكار مؤيديه ومناصريه، يحمل أحلامهم وطموحاتهم ويؤمن بقدرتهم على النهوض بذلك الوطن. العادل بكبوزة دمية بالحجم الطبيعي، نفّذها عدد من الشباب تحت إشراف نيني أياش، وهي فنانة فرنسية تعيش وتعمل حالياً في الولاياتالمتحدة، ومهتمة بمسرح العرائس. أتت نيني أياش إلى القاهرة ضمن برنامج للتبادل الثقافي، تشرف عليه قاعة «آرت اللوا» في القاهرة، حيث أقامت لمدة شهرين بجوار القاعة حيث تُقدّم نماذج من الفنون المعاصرة لسكان الحي الشعبي الواقع على أطراف العاصمة. واستوحت أياش ملامح مشروعها من زخم الحملات الرئاسية التي بلغت أشدها خلال الأيام الماضية. فوسائل الدعاية في كل مكان، والملصقات تغطي الجدران أينما ذهبت، إذ تفنن كل مرشح في عرض برنامجه وتقديم نفسه بأشكال وأساليب تتشابه كثيراً بعضها مع بعض. ووسط هذا الزخم كله، اختارت أياش أن تزج بمرشحها الافتراضي في خضم هذا السباق. ولأن مرشح أياش مجرد دمية، فقد بات مهماً جداً توليف تاريخ شخصي له، يستند إليه في تقديم نفسه وأفكاره للناس والناخبين، وعليه أن يحمل أيضاً برنامجاً متكاملاً يتضمن اقتراحات وخطط منطقية تتيح حلولاً جذرية لعدد من القضايا الملحة كالأمن والتعليم والصحة وزيادة الأجور. كل هذه الأمور وغيرها اتُّفق عليها، ووضعت ملامحها خلال ورشة عمل جماعية أقيمت على مدار ثلاثة أسابيع في قاعة «آرت اللوا»، لإبداع التفاصيل الخاصة بهذا المرشح الذي يقدم برنامجاً انتخابياً جذاباً، وشارك في وضعه بعض الشباب وسكان الحي. وحتى شكل المرشح لم يترك للصدفة، فقد وضع وفقاً لرغبات المواطنين وتطلعاتهم. وبعد انتهاء الورشة كان على العادل بكبوزة الخروج والتجول في الشوارع القريبة لعرض أفكاره على الناس، فدخل في نقاشات ومناظرات مع المرشحين الآخرين، بواسطة مسرح للعرائس أقامته أياش في عدد من شوارع الحي الشعبي. يهدف المشروع إلى بث نوع من المشاركة المجتمعية عبر تلك الحالة الساخرة التي تقدمها أياش لمرشح افتراضي، على خلفية تدريب على صناعة العرائس والدُّمى، والتي تتطلب إلى جانب المهارة اليدوية والخبرة، توافر سمات شخصية لتلك الدُّمي، سمات شخصية تجعلها «آدمية» و «واقعية» لتصبح أكثر قدرة على تنفيذ المطلوب منها لجهة تمثيل الواقع ونقده والسخرية منه والتعلّم من أخطائه في آن معاً. وكلما كانت شخصية الدمية أقرب إلى شخصية حقيقية، كلما دلّل ذلك إلى نجاح التجربة الفنية والسياسية والمدنية. تخرجت نيني أياش في الفنون الجميلة، واشتغلت على نفسها مسرحياً، في محاولة لجمع أدوات فنية متعددة للتعبير. وقدمت أعمالاً فنية عديدة مستخدمة وسائط متعددة كالفيديو والعروض الحية وتحريك العرائس. أحدث مشاريعها في فن الفيديو كان بعنوان «أبواب دوارة»، رصدت فيه صوراً نمطية لأطراف مدينة نيويورك. وهي تتعاون حالياً مع شقيقتها، رافايل أياش، في إنتاج كتاب للأطفال تدور أحداثه في مصر، إلى جانب عملها في قاعة «آرت اللوا» على مشروع مسرح خيال الظل المستوحى من تقاليد مسرح العرائس المصري.