فقدت الساحة التشكيلية في المنطقة الشرقية في السعودية اثنين من الفنانين التشكيليين هما محمد الصندل المولود في الأحساء والمتوفى فيها، وعلي عيسى الدوسري المولود في الدمام والمتوفى فيها. الاثنان من الجيل الأول لفناني الشرقية، ومع الفارق بين عمري الاثنين الا أنهما بدأا في فترة متقاربة سواء على مستوى العروض الرسمية التي تبنتها مكاتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب في المنطقة الشرقية او من خلال معارض الأندية الرياضية وجمعية الثقافة والفنون في كلتا المدينتين. محمد الصندل هو أول رئيس لجمعية الثقافة والفنون في الأحساء عندما أنشأتها مجموعة من الشباب تحت اسم جمعية الفنون الشعبية وكانت تهتم بالموسيقى والمسرح والتشكيل. وبعد أن تم تشكيلها رسمياً تحت اسم جمعية الثقافة والفنون، كان الصندل أول رئيس لقسم الفنون التشكيلية فيها، أما الدوسري فكانت أولى مشاركاته الفنية عام1971 مع كاتب السطور، في معرض نظمه نادي الاتفاق في الدمام، وتواصل نشاطه مع النادي كمصمم ومنفذ ديكور لبعض المسرحيات التي يقيمها النادي في مقره او خارج المنطقة. وفي العام 1979 انضم إلى جمعية الثقافة والفنون رئيساً لقسم الفنون التشكيلية، ومعه كان بالمثل مصمماً لديكور مسرحيات الجمعية. و عرف عن علي الدوسري اهتمامات متنوعة في مجال الفن، فهو بعد دراسته المتوسطة ودراسته التصميم والزخرفة وسبك المعادن في الدمام والبحرين، كانت أعماله بين المجسمات الجمالية التي نُصب بعضها في الخبروالدمام وبين أعمال التصوير التي بدأها باستلهام المواضيع الشعبية، في رسمه للشخصيات الخليجية بأزيائها الشعبية رجالاً ونساء، كان الفنان يتردد على البحرين القريبة من الدمام، والتقى ببعض فنانيها وتأثر باتجاهاتهم الفنية المبكرة لكن تأثره كان موقتاً. اشتغل في ما بعد على الخامات وهو يشكل لوحته البرونزية التي تشي بعلاقته بالأرض، وهو يضع الرمل والمعاجين ويحفر أشكاله او يبرزها مستلهما الزخرفة الشعبية والكتابات. وتنامت التجربة الى استخدامات متعددة للخامات وهو يوظف رقائق الألمنيوم والأخشاب وغيرها في تشكيلات مجردة لا تخلو من الإيحاء بشخوص او كتابات او أشكال زخرفية. وبالمقابل كان الصندل اهتم منذ بداياته بتوثيق المشهد البيئي الأحسائي فرسم بعضاً من حركة المجتمع اليومية. انه يستعيد الصورة ذهنياً ويرسمها بعد تخطيط بأقلام الرصاص، ويلون بشيء من النقائية التي تحددها موجبات اللحظة، يرسم كالفطريين بروح مشبعة بالمكان، مواضيعه الأثيرة عن السقاية التقليدية وعن عودة الفلاحين من مزارعهم وعن الخباز والندّاف (القطان) او السقا، ورسم من وحي الأزياء الشعبية وليلة الحناء وغيرها من مواضيع تتميز بغناها وبساطتها وتأثيرها الشعبي. لا يكترث بالنسب المثالية للرسم لكنه يجوّد وهو يتناول الفكرة كاملة فلا يُنقصها تفاصيلها. وفي الثمانينات كانت مواضيعه متنوعة تواكب بعض المناسبات والأحداث العربية. تميزت شخصية الفنان محمد الصندل بالهدوء والطيبة التي أكسبته حب تلاميذه وزملائه الفنانين، فهو كان طيلة رئاسته لقسم الفنون التشكيلية، موجهاً ومعلماً لكثير من الفنانين الناشئين، وكان كذلك مع زملائه في الجمعية. توجه علي الدوسري خلال الأعوام الأخيرة إلى صيغة جديدة يزاوج فيها بين اللقطة الضوئية ومعطى لوحة أُطلق على تجربته تلك اسم «التصوير المغاير» وأنشأ لذلك صفحة في الفايسبوك، كان يستعرض فيها إنتاجه المتواصل. وقد عرض بعضه داخل المملكة وخارجها. أما الصندل فاكتفى بمشاركاته المبكرة الى نهاية الثمانينات، وقد كرمته جمعية الثقافة والفنون بالأحساء بإقامة معرض استعادي لأعماله وتسمية قاعتها للفنون التشكيلية باسمه؛ كأحد الفنانين المساهمين في قيام الجمعية وفي خدمة الحركة التشكيلية بالأحساء.