انشغل كبار المسؤولين اللبنانيين أمس بالاتصالات للإفراج عن 11 مخطوفاً لبنانياً احتجزتهم، أول من أمس، على الأراضي السورية مجموعة مسلحة، فيما لقيت برقية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان شجعه فيها على «التدخل لإنهاء الأزمة في إطار مبادرتكم ورعايتكم للحوار الوطني اللبناني»، ردود فعل مرحبة بموقفه، وأجرى سليمان اتصالاً، مساء أول من أمس، بخادم الحرمين وكذلك بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني «للتشاور في المعالجات والسبل الآيلة الى ترسيخ الاستقرار». وكان الملك عبدالله بن عبدالعزيز عبّر عن قلقه «من تطورات الأحداث في طرابلس لجهة استهدافها لإحدى الطوائف الرئيسية»، وأشار الى إمكان تشعب الأزمة «لإحداث فتنة طائفية في لبنان». وبرز موقف جديد للرئيس سليمان أمس، إذ رد على استفسار المنسق الخاص لنشاطات الأممالمتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي زاره أمس عما تضمنته رسالة المندوب السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري الى الأمين العام للمنظمة الدولية من وقائع حول تهريب أسلحة واتهامه تيار «المستقبل» باحتضان قيام «القاعدة» و»الأخوان المسلمين» بذلك، وعن تمويل سعودي وقطري. إذ أكد الرئيس اللبناني أن الرسالة «لا تستند الى وقائع مثبتة، بل ان التقارير الواردة من قيادة الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية تشير الى عكس ذلك تماماً». وجاء موقف سليمان هذا بعد أن اجتمع مع جميع قادة الأجهزة الأمنية مستفسراً منهم عن الوقائع التي تضمنتها رسالة الجعفري وعما إذا كانت استندت الى معلومات زود بها أي من الأجهزة الجانب السوري فنفى هؤلاء ذلك. كما جاء رد الرئيس اللبناني بعدما كان رد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ما تضمنته رسالة الجعفري ملتبساً، إذ اكتفى بالقول إنها تؤدي الى «تأجيج الخلافات». وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد في كلمة له لمناسبة الذكرى الثانية عشرة للتحرير (انكفاء الاحتلال الإسرائيلي عن الجنوب العام 2000) وفي تصريحات أدلى بها لاحقاً أن ما جاء في برقية الملك عبدالله الى الرئيس سليمان «في منتهى الدقة ويؤكد على سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية». وأضاف بري: «الناي بالنفس كان قراراً حكيماً وقد حصلت هجمة على كلامي في هذا الشأن لكن الأيام أثبتت صحة ما قلت ورسالة العاهل السعودي تثبت صحة موقفنا». ورأى أيضاً أن في رسالة الملك عبدالله «مضموناً إيجابياً يؤكد ضرورة التنبه الى مخاطر ما يجري في لبنان وأهمية الحوار بين اللبنانيين». ووصف الرئيس ميقاتي مواقف الملك السعودي بأنها «تمثل سعياً مشكوراً الى قيام حوار وطني دعونا مراراً الى معاودته». واعتبر أن «استقرار لبنان كان دائماً في أولويات اهتمام» خادم الحرمين الشريفين وأن «دعوته الى النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية، خصوصاً الأزمة السورية تدل الى صوابية الخيار الذي التزمه لبنان حيال الأوضاع في سورية». أما على صعيد الاتصالات للإفراج عن المخطوفين اللبنانيين في سورية، والذين كانوا في زيارة للأماكن المقدسة في إيران والعراق، فقد شملت اتصالات سليمان الخارجية هذا الموضوع، لا سيما مع الرئيس التركي عبدالله غل، كذلك اتصالات بري وميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور الذي اتصل أيضاً بالأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وقال: «إنه تبلّغ من أحد المسؤولين أنهم سيطلَقون خلال ساعات وأن لا داعي للكشف عن هوية الجهة الفاعلة». وبينما سعى «حزب الله» وحركة «أمل» الى تهدئة خواطر أهالي المخطوفين وحالا دون قطع طرقات والنزول الى الشارع (قطعت طريق المطار القديمة ثم أعيد فتحها) احتجاجاً، قال الرئيس بري إن أكثر من اتصال جرى بينه وبين الرئيس سعد الحريري في هذا الصدد. وفي هذا الوقت قتلت 3 زائرات لبنانيات حين انفجرت عبوة ناسفة بحافلة كانت تقل زواراً لبنانيين الى الأماكن المقدسة في العراق وجرح 10 آخرون في محافظة الرمادي. وفيما تواصلت الجهود لمعالجة ذيول أحداث الشمال، لا سيما مقتل الشيخين في عكار الأحد الماضي زار وفد من قوى 14 آذار بلدة البيرة وحمّل الرئيس سليمان النائب بطرس حرب تعازيه الى عائلتيهما. وألقيت كلمات جرى فيها تصويب الموقف من الجيش فتراجعت لغة الانتقادات إليه وركزت الخطب على المطالبة بالعدالة في مقتل الشيخين على حاجز للجيش.