تشهد صناعة تكرير النفط حراكاً على المستوى العالمي لرفع الطاقات التكريرية في بعض المناطق لأسباب موضوعية، وتقليصها في مناطق أخرى لأسباب موضوعية أيضاً. وبين هذا الاتجاه وذاك يلاحظ أن انخفاض هوامش الأرباح لدى عدد كبير من مصافي النفط في منطقة اليورو والولايات المتحدة يدفع باتجاه إغلاقها تحسباً لتكبد المزيد من الخسائر في ظل معدلات نمو غير مستقرة للاقتصاد العالمي وارتفاع أحجام الإنتاج من الطاقة المتجددة، إلى جانب التأثيرات المباشرة للقوانين والتشريعات البيئية على الصناعة. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «نفط الهلال» إلى أن «تركيز الدول في الفترة الحالية ينصب على الإبقاء على محطات التكرير ذات الطاقة الإنتاجية المرتفعة والتي تحافظ على هوامش ربحية مقبولة في الظروف كافة، بينما أصبحت دول المنطقة أكثر استعداداً لتوسيع قطاع التكرير واعتباره جزءاً من استراتيجيات دعم وتوسيط القطاع الصناعي بما في ذلك قطاع البتروكيماويات». وأضاف: «بالاعتماد على تصاعد مؤشرات الطلب العالمي على النفط، وخصوصاً لدى كل من الصين والهند ودول الشرق الأوسط، وبما أن العائدات ترتفع على عمليات الاستكشاف والتنقيب والإنتاج، فإن دول آسيا والشرق الأوسط وروسيا باتت قريبة من توطين صناعة التكرير التي ستعكس حالة من التكامل بين مراحل الإنتاج والتصدير، وبالتالي تحقيق ارتفاع ملموس على هوامش الأرباح إذ أن تعزيز الطاقات التكريرية لدى الدول المنتجة للنفط وذات الطموحات الصناعية على المدى الطويل سيعمل على تطوير الصناعة وتوسيع الإنتاجية وسد العجوزات الناتجة من عمليات الإغلاق الجارية على المستوى العالمي». ولفت إلى أن «إنتاج مصافي النفط في دول الخليج ارتفع في شكل ملحوظ، إذ استطاعت السعودية زيادة قدرتها التكريرية من النفط وتحقيق عائدات مرتفعة في ظل الأسعار العالية للوقود المعالج، إذ تسعى أرامكو السعودية إلى تحقيق هدفها الاستراتيجي برفع قدرتها التكريرية إلى تسعة ملايين برميل يومياً عام 2020 من خمسة ملايين برميل الآن». ويُتوقع أن تتجاوز الاستثمارات في قطاع التكرير 100 بليون دولار خلال السنين ال 10 المقبلة، بينما تسعى الكويت إلى رفع الطاقة الإنتاجية إلى أربعة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، فيما ستصل الطاقة التكريرية إلى 800 ألف برميل يومياً مع اكتمال تنفيذ مشروع الوقود البيئي، كما تخطط الإمارات لرفع طاقتها الإنتاجية إلى 3.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2017 مقارنة ب 500 ألف برميل يومياً الآن». وأكد التقرير أن «الطلب المقبل من آسيا سيعمل على تنشيط قطاع التكرير في الدول النفطية في المنطقة وتوسيعه، ما يفسح المجال أمام دخول المزيد من الاستثمارات على الصناعة وتوليد المزيد من الفرص الاستثمارية وإيجاد فرص عمل متنوعة». يُذكر أن صعوبة تقدير مستوى الطلب العالمي على المشتقات النفطية وارتفاع الكلف التشغيلية والقيود العالمية المتعلقة بالحفاظ على البيئة، عوامل ستشكل عقبات أمام تطور الصناعة لدى الدول النفطية في المنطقة، في المقابل تتجه هذه الدول نحو اعتماد خطط تطوير صناعة التكرير وزيادة عدد المصافي وبما يضمن زيادة طاقاتها الإنتاجية وتعزيز عائدات القطاع الواعد ورفع قدرتها على المنافسة عالمياً. واستعرض التقرير أبرز الأحداث في قطاع النفط والغاز خلال الأسبوع في الخليج، ففي السعودية وقعت شركة «أرامكو السعودية» عقداً مع شركة «فوستر ويلر» الأميركية لتقديم خدمات استشارية هندسية طويلة المدى لاستغلال مكامن غاز الحجر الرملي أو ما يسمى «بغاز المكامن ذات المسامات الضيقة». وخطت «أرامكو» هذه الخطوة لأسباب عدة منها الاحتياطات الكبيرة في غاز الحجر الرملي، والصعوبات التي تواجه استخراج الغاز الصخري في المملكة، وندرة المياه في المناطق النائية وارتفاع تكاليف الإنتاج. وقدرت مصادر أن تراوح تكاليف إنتاج غاز الحجر الرملي بين 2 و3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مشيرة إلى أن أسعار الغاز في الأسواق العالمية تتجاوز 3.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وفي إيران أعدت «شرکة النفط الوطنية» دراسة عن سُبل تأمين المصادر المالية لمشاريع تطوير حقول رشادت وفروزان وهنغام المشتركة مع السعودية وسلطنة عُمان. ويتجاوز احتياط حقل هنغام المشترك بين إيرانوعمان 700 مليون برميل من النفط ونحو تريليوني قدم مكعبة من الغاز، بينما يبلغ احتياط حقل فروزان المشترك مع حقل مرجان السعودي 2.309 بليون برميل ومن المقرر أن يزداد حجم الإنتاج فيه إلى ضعفين بعد سنتين. وفي الكويت استكملت شركة «رويال داتش شل» بيع حصتها في مشروع غاز طبيعي مسال لمصلحة شركة الاستكشافات البترولية الكويتية «كوفبيك». وكانت «رويال داتش شل» اتفقت على بيع حصص في مشروع غاز في أستراليا إلى الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية ب 1.14 بليون دولار في إطار مساعيها لتعزيز عائد الاستثمار. وفي الإمارات تسلمت «شركة أبوظبي الدولية للاستثمارات البترولية» (إيبيك) عروض الشركات المتنافسة على عقد إنشاء مصفاة الفجيرة بكلفة 3.5 بليون دولار. وضمت قائمة الشركات كلاً من «جي أس إنجنيرنغ» و»هيونداي انجنيرنغ» و»هيونداي هيفي إنداستريز» و»سامسونغ إنجنيرنغ» و»أس كيه إنجنيرنغ»، وكلها كورية جنوبية. وانسحبت شركة «داليم» الكورية الجنوبية أيضاً، التي كانت ضمن الشركات المرشحة للمناقصة ولم تتقدم بعرض.