مع إقتراب إسلاميين متشددين لمسافة 30 دقيقة بالسيارة من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، هرع العاملون الأجانب في مجال النفط للخروج من المدينة وانتعشت سوق الأسلحة. وبعد أن عاشوا في واحة آمنة من صراع طائفي مستمر منذ عشر سنوات في العراق، خزّن الأكراد في أربيل السلاح أمس الجمعة، بينما تراقب أعينهم جيرانهم العرب في مواجهة ما وصفه مسؤول كبير بأنه "صراع وجود" يتمثل في تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وقال تاجر سلاح يدعى آلان (35 عاماً)، عمل في السابق في محل للبيتزا في المملكة المتحدة لمدة 12 عاماً "يترك الناس في أربيل أعمالهم ويأتون لشراء الأسلحة حتى يتمكنوا من الذهاب للقتال". وباع آلان 45 قطعة سلاح يوم الخميس فقط، وباع بندقية بسعر 1300 دولار أي بأكثر من سعرها المعتاد وهو 700 دولار، قائلاً "الناس خائفون بالطبع. هل أربيل مهددة؟ نعم هي في خطر". واستولى مقاتلو التنظيم المتشدد المنشق عن "القاعدة" على دبابات وأسلحة آلية وغيرها من الأسلحة الثقيلة من جنود عراقيين فروا أمام تقدم المسلحين بالآلاف في الشمال في حزيران (يونيو)، ما منح التنظيم قوة لم يعرفها من قبل. ويمثل زحف المتشددين على أربيل منذ يوم الخميس، أكبر تهديد أمني للمدينة منذ أن هددت قوات صدام حسين المنطقة. ويشتهر التنظيم بقتل وذبح من يخالفونه في الرأي. وقال شيروان محمد دارباندي وهو تاجر سلاح يبلغ من العمر 40 عاماً "لا تكون الأمور عادة على هذا المنوال. يشتري الناس للدفاع عن أرضهم وشرفهم. لن ندعهم يأتون إلى هنا. لا يمكنهم الوصول إلى أربيل". ورفع المتشددون السنة العلم الأسود لتنظيمهم يوم الخميس فوق نقطة تفتيش في المنطقة الحدودية قرب إقليم كردستان شبه المستقل وحققوا تقدماً كبيراً بالسيطرة على حقل نفطي خامس وأكبر سد في العراق والمزيد من البلدات. وساهمت الضربات الجوية الأميركية لمواقع "الدولة الإسلامية" أمس في تهدئة المخاوف، لكن الطلب على شراء الأسلحة يتزايد فارتفعت أسعار بنادق "كلاشنيكوف" على الرغم من عدم تناسبها مع ترسانة الأسلحة التي يملكها التنظيم. شركات النفط الأجنبية ولم يكن من المفترض أن تسير الأمور على هذا النحو في كردستان التي رأت فيها شركات نفط أجنبية مكانا آمناً للعمل. وغادر المئات من موظفي هذه الشركات مطار أربيل أمس وآثروا السلامة. وقال موظف في شركة للخدمات النفطية طلب عدم ذكر إسمه، ترك موقعاً للحفر يوم الخميس "أمرتنا الشركة بالمغادرة لأن الوضع لم يعد آمناً بالنسبة لنا". ولم يتوقع أن يعود لعمله قريباً وقال "نحن على استعداد لحين إشعار آخر". وعلى الرغم من اعتبار أفراد قوات البشمركة الكردية -وتعني الكلمة من يواجهون الموت- رجال شجعان حاربوا قوات صدام حسين، فإن مقاتلي "داعش" أنزلوا بهم الهزيمة وأرغموا عشرات الآلاف من أبناء الأقليّة الأيزيدية والمسيحيين على الفرار من شمال العراق. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري وهو مسؤول كردي كبير إن الغارات الجوية الأميركية أمس دمرت 10 عربات مدرعة تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" كانت في طريقها إلى أربيل، موضحاً أن المدينة آمنة حتى الآن. وتابع زيباري في مؤتمر صحافي أن "الدولة الإسلامية" تحشد كل قواها في العراق وسورية لقتال البشمركة وأن المعركة جدية للغاية ومصيرية. وفرت بعض الأسر من أربيل واشترى من بقي في المدينة إمدادات إضافية من الوقود والغذاء. ورقص شبان يوم الخميس في شارع تجاري مزدحم للتعبير عن دعمهم لقوات الأمن وعدم شعورهم بالخوف. وحمل بعض الأكراد كالطالب كاوان محمود (22 عاماً) العبء على عاتقه، وتوجه إلى متجر الأسلحة، قائلاً "جئت لشراء الأسلحة لأتمكّن من خوض الحرب. لست من البشمركة ولكنني سأتطوّع".