«الحياة»، أ ف ب، رويترز - في خطوة تشي بحجم الخلافات داخل «المجلس الوطني السوري» المعارض، وبعد ساعات من تهديد لجان التنسيق المحلية التي تشكل فصيلاً أساسياًَ في المعارضة السورية والناشطة على الأرض، بالانسحاب من «المجلس الوطني» احتجاجاً على «الاستئثار بالقرار»، أعلن رئيس المجلس برهان غليون «انسحابه» من رئاسة المجلس فور اختيار خلف له، بحسب ما جاء في بيان صدر بعد الانتقادات الواسعة التي أثارتها إعادة انتخابه لمرة ثالثة على رأس المجلس قبل يومين. وقال غليون في البيان «أثارت نتائج انتخابات الرئاسة داخل المجلس الوطني ردود فعل متضاربة وانتقادات مختلفة»، مضيفاً «اعلن انسحابي فور وقوع الاختيار على مرشح جديد، بالتوافق أو بانتخابات جديدة». وقال غليون، بحسب البيان، «إنني قبلت الترشح (الأخير) حرصاً على التوافق، ولن اقبل أن اكون بأي شكل مرشح الانقسام. وأنا لست متمسكاً بأي منصب». وتابع «سأظل اعمل لخدمة الثورة من موقعي كعضو في المجلس، يداً بيد مع الشباب المقاتل، شباب ثورة الكرامة والحرية حتى تحقيق النصر». ودعا المعارضة «على مختلف أطيافها إلى الالتقاء في اقرب فرصة للتفاهم حول وحدة العمل الوطني والخروج من حلقة التنازع والانقسام». وقوض الخلاف الداخلي وغياب التماسك السياسي داخل المجلس الوطني السوري المعارض جهود المجلس لكسب اعتراف دولي رسمي به كممثل شرعي وحيد للمعارضة لنظام الأسد. وأثارت إعادة انتخاب غليون من قبل الأمانة العامة للمجلس الوطني خلال اجتماعها الأخير في روما انتقادات داخل بعض أركان المعارضة الذين نددوا ب «الاستئثار بالقرار» وبعدم احترام التداول الديموقراطي. وتنص آلية عمل المجلس على رئاسة دورية له مدتها ثلاثة اشهر. واختير غليون رئيساً له منذ إنشائه في تشرين الأول (أكتوبر) 2011. وجاء إعلان غليون انسحابه من رئاسة المجلس، بعد ساعات قليلة من تهديد لجان التنسيق المحلية في بيان الانسحاب من المجلس الوطني، موضحة انه «بعد قرارنا الامتناع عن المشاركة في أعمال المجلس خلال الشهرين الأخيرين وآخرها اجتماع الأمانة العامة في روما (الذي تم خلاله انتخاب غليون) نجد في استمرار تدهور أوضاع المجلس دافعاً لخطوات أخرى قد تبدأ بالتجميد وتنتهي بالانسحاب في حال لم تتم مراجعة الأخطاء ومعالجة المطالب التي نراها ضرورية لإصلاح المجلس». وأضاف بيان لجان التنسيق، التي تعتبر عملياً اهم فصيل معارضة في سورية كونها موجودة في الداخل وعلى الأرض «لم نشهد في الشهور الماضية سوى عجز سياسي لدى المجلس الوطني»، مشيرة إلى «غياب تام للتوافق بين رؤية المجلس ورؤية الحراك الثوري»، بالإضافة إلى «تهميش معظم الأعضاء الممثلين للحراك ومعظم أعضاء الهيئة العامة للمجلس». وأشار البيان إلى أن «بعض المتنفذين في المكتب التنفيذي والأمانة العامة يستأثرون بالقرارات وآخرها قرار التمديد لرئاسة الدكتور برهان غليون للدورة الثالثة رغم الفشل الذريع على الصعد السياسية والتنظيمية». وعبرت اللجان عن «الأسف لما آلت إليه الأمور في المجلس الوطني السوري والتي تعكس ابتعاده وابتعاد المعارضة السورية عموماً عن روح الثورة السورية ومطالبها وتوجهاتها نحو الدولة المدنية والديموقراطية ونحو مبادئ الشفافية وتداول السلطة المرجوة في سورية الجديدة». وتعرض المجلس الوطني اكثر من مرة لانتقادات من المعارضة بشكل عام ومن بعض أعضائه الذين قدموا استقالاتهم، بسبب عدم التنسيق بشكل كاف مع الناشطين على الأرض، وبسبب «استئثار» البعض بالقرار داخله. كما انتقد كثيرون هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على المجلس ومحاولتها احتكار كل المساعدات التي تصل إلى المجلس لتقوية نفوذها على الأرض. واعترفت معظم أطياف المعارضة السورية في نهاية آذار (مارس) بالمجلس الوطني ممثلاً رسمياً» للمعارضة السورية، بينما اعترفت به «مجموعة أصدقاء الشعب السوري» التي انعقدت في إسطنبول في الأول من نيسان (أبريل)، «كمحاور رئيسي» للمعارضة مع المجتمع الدولي. ولجان التنسيق المحلية تجمع يضم ناشطين سوريين معارضين من انتماءات دينية وفكرية مختلفة، ينشط في نقل أخبار الاحتجاجات التي تجري على الأرض في سورية ويركز على أهمية مواصلة الحراك المدني في الاحتجاجات. إلى ذلك، رد المجلس الوطني على التقارير التي أفادت بأن المعارض البارز فواز تللو استقال من المجلس بقوله انه لم يكن قط عضواً فيه. وقال تللو وهو سياسي ليبرالي أول من امس انه سيستقيل احتجاجاً على أن المجلس يتجنب الإصلاح الديمقراطي ويقاوم الجهود الدولية لإعادة تنظيم نفسه وتوحيد المعارضة ضد الرئيس السوري. ونظر إلى إعلان تللو على انه ضربة كبيرة للمجلس الذي شهد استقالة شخصيات بارزة عدة من بين أعضائه في الشهور الأخيرة. لكن المجلس الوطني اصدر بياناً يقول إنه يود «التأكيد بعد مراجعة سجلات العضوية لديه أن تللو ليس عضواً في المجلس الوطني ولم يسبق له أن حضر أياً من اجتماعاته. وقال تللو وهو سجين سياسي سابق غادر سورية قبل ثلاثة اشهر لرويترز انه دهش للبيان. وأضاف انه اصبح عضواً في المجلس وهو في سورية مع عدد من رفاقه في الداخل وصارت عضويته في المجلس معروفة علناً بعد أن غادر البلاد قبل ثلاثة اشهر.