بعد فراغي من قراءة كتاب «أسوار الصمت» للكاتب وليد الماجد، الذي يتحدث فيه عن الحقوق المدنية للفرد في السعودية، اعترتني حالة من السوداوية لغياب الوعي الحقوقي عن أفراد المجتمع. الكتاب يعرض في ثلاثة فصول حقوق الإنسان الأساسية، وحقوق المتهم، وحقوق المرأة، وهي كما أشار الكاتب إلى أنه ركز عليها لأنها محل انتهاك كبير. ما يفرق هذا الكتاب عن غيره أنه يستخدم لغة قانونية واضحة وجريئة ومفعمة بالعاطفة، إذ تمكن الكاتب من تجاوز القراءة الإنشائية المجاملة في حقوق الفرد، إلى القراءة التحليلية الناقدة والجريئة. سأعرض في هذا المقال، بعض النقاط المهمة التي عرضها كتاب «أسوار الصمت» مع التركيز على الفصل الثالث «حقوق المرأة». عودة إلى موضوع الوعي الحقوقي، الذي هو أساس حصول الإنسان على حقوقه والحفاظ على كرامته، ظل هذا الموضوع في مجتمعنا شائكاً ويتأرجح من يخوض فيه بين الشك والريبة ظناً أن موضوع الحقوق ما هو إلا إفراز لثقافة غربية دخيلة، وبين الخوف من طرح التساؤلات عن حقوق الفرد. لكن رياح التغيير التي تجتاح المنطقة وتوافر وسائل التواصل الاجتماعي ورفض الجيل الجديد فرض الوصاية عليه، كل هذه العوامل كسرت حاجز الصمت وأتاحت سقفاً عالياً وجرأة في الطرح لم تكن متوافرة من قبل. مفهوم المواطنة مستمد من القوانين الطبيعية التي أقرت للإنسان حقوقاً طبيعية تمثلت في الحرية والعدالة والمساواة، ولذلك عرف القانون الطبيعي، بأنه «مجموعة القواعد القانونية التي يفرضها المنطق السليم والتي تجد أساسها في الأخلاق أو الضرورات الأخلاقية»، أو كما ورد في ديباجة الإعلان عن حقوق الإنسان «إن كل المآسي تنشأ عن انتهاك الحقوق الطبيعية، كونها الحقوق التي لا تتبدل بتبدل الزمان». في الفصل الأول «حقوق الإنسان الأساسية» جاءت أربعة حقوق على رأس القائمة التي تحفظ كرامة الإنسان: حق السكن، والعلاج، والتعلم، والعمل. أولاً حق السكن: هو حق أساسي لحفظ الكرامة الإنسانية، بينما لا يزال 70 في المئة من أفراد المجتمع السعودي لا يملكون سكناً ويكلفهم إيجار المسكن ما يقارب 65 في المئة من مدخول الفرد، إذ لا يتمكن الفرد من الحصول على قطعة أرض في بلد يتمتع بمساحات شاسعة من الأراضي البيضاء. ما جعل الكاتب يحث على إنشاء جمعيات للدفاع عن حق السكن حتى لو اضطرت هذه الجمعيات إلى اللجوء للقضاء لرفع قضايا حقوقية ومقاضاة الوزارات ذات العلاقة. ثم حق العلاج، إذ تنص المادة 31 في النظام الأساسي للحكم على: «تُعنى الدولة بالصحة العامة، وتوفّر الرعاية الصحية لكل مواطن». وعلى رغم وضوح هذا النص إلا أن المواطن لا يزال يقلقه هاجس الحصول على سرير في المستشفى، لأن أمامه قائمة انتظار طويلة تمتد لسنوات للحصول على العلاج المجاني في ظل قلة المستشفيات والمراكز الصحية (عدد الأَسرَّة في مستشفيات المملكة وصل إلى قرابة 55 ألف سرير مع نهاية العام الماضي، بمعدل 2.2 لكل ألف مواطن، وهو معدل يعتبر أقل من المعدل العالمي). في حين أن المستشفيات التخصصية والمتقدمة يحتاج المواطن العادي للكثير من العرائض والخطابات والواسطة للوصول إليها. [email protected] @manal_alsharif